تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَٰهَدُواْ وَصَبَرُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (110)

الآية : 110 وقوله تعالى : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } ، قيل : عذبوا على الإيمان بمكة ، { ثم جاهدوا } مع النبي وأصحابه ، { وصبروا } على ذلك ، { إن ربك من بعدها لغفور رحيم } ، قيل : من بعد الفتنة ، { لغفور رحيم } ، لما كان منهم { رحيم } . ذكر { إن ربك } مرتين :

إحداهما : ) ( 5 ){[10543]} قوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا } ، ( والثانية : قوله : ){[10544]} { إن ربك من بعدها لغفور رحيم } ، قيل : من بعد الفتنة ، فيجيء أن يكتفى ( بواحدة ، فيقول ){[10545]} { لغفور رحيم } ، موصولا بقوله : { للذين } فعلوا ما ذكر . لكنه ذكره{[10546]} مرتين ، والله أعلم ( لطول الكلام . ويحتمل ){[10547]} { لغفور } لهم ؛ يعني : لهؤلاء الذين فتنوا ، وعذبوا ، ولغيرهم .

ذكر أهل التأويل أن أناسا من المؤمنين ، خرجوا إلى المدينة ، فأدركهم المشركون ليردوهم ، فقاتلوهم ؛ فمنهم من قتل ، ومنهم من نجا ، فأنزل الله : { إن ربك للذين هاجروا } الآية .

ومنهم من يقول : أيضا فيهم نزل قوله : { آلم } { أحسب الناس أن يتركوا يقولوا آمنا } الآية ( العنكبوت : 1 و 2 ) .

وأكثرهم قالوا : إن قوله : { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } ( النحل : 106 ) ، إنما نزل في عمار بن ياسر ، وليس لنا إلى ذلك حاجة ، إنما الحاجة في ما ذكرنا من الحكم به والحكمة ، والله أعلم .


[10543]:في الأصل وم: ذكر مرتين أحدهما.
[10544]:في الأصل وم: ثم قاتلوا.
[10545]:في الأصل وم: بواحد يقول.
[10546]:في الأصل وم: ذكر.
[10547]:في الأصل وم: أنه.