تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ} (72)

[ الآيتان 71 و72 ] وقوله تعالى : { قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة } [ وقوله ]{[15515]} : { إن جعل الله عليكم النهار سرمدا } أي دائما { إلى يوم القيامة } لا ليل فيه إلى آخر ما ذكر من قوله : { أفلا تسمعون } [ وقوله ]{[15516]} : { أفلا تبصرون } يخرج ذكره [ في وجهين ]{[15517]} :

أحدهما : في تسفيههم في صرف العبادة والشكر إلى الأصنام التي كانوا يعبدونا على علم منهم أنها لا تملك شيئا مما ذكر من جعل الليل نهارا وجعل النهار ليلا وتركهم عبادة من يعرفون أنه يملك ذلك كله ، وكذلك ما ذكر في آية أخرى حين{[15518]} قال : { قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره } الآية [ الزمر : 38 ] فإذا{[15519]} لا يملك ما تعبدون من دون الله دفع ضر أراده الله لهم{[15520]} وجعله رحمة ولا دفع رحمة أرادها الله وجعلها{[15521]} ضرا ، فكيف تعبدونها ، وتتركون عبادة من يملك جعل هذا هذا ودفع هذا بهذا ؟ فعلى ذلك يقول ، والله أعلم : كيف تعبدون من لا يملك جعل الزمان كله ليلا دائما ، لا نهار فيه ، وجعل الزمان {[15522]} نهارا كله دائما ، لا ليل فيه ، وتتركون عبادة[ من ]{[15523]} يملك ذلك كله ؟ يجعل وقت [ الراحة والسكون [ غير ]{[15524]} وقت الاكتساب والتعيش ووقت التعيش والكسب [ غير ]{[15525]} وقت ]{[15526]} الراحة والقرار .

والثاني : يذكرهم عظيم نعمه ومننه حين{[15527]} أنشأ هذا العالم محتاجا إلى ما به قوام أنفسهم وأبدانهم في دينهم . ثم جعل ذلك كله على التعاون وتظاهر{[15528]} بعضهم بعضا ما لو جعل ذلك على غير ذلك لا تقوم أنفسهم وأبدانهم بذلك حين{[15529]} جعل الليل وقتا للراحة والسكون ، والنهار وقتا للتقلب والتعيش .

ولو كان ذلك كله وقتا للراحة لا تقوم أنفسهم أبدا للتعيش والكسب . ولو كان كله وقتا للتقلب والكسب ، لا راحة فيه ، لا تقوم أيضا أنفسهم بذلك .

لكنه من رحمته وفضله جعل وقتا للراحة ؛ إنما جعله للكل لا لبعض دون بعض ، وكذلك ما جعله وقت التقلب ؛ إنما جعله كذلك للكل لا لبعض دون بعض لتقوم لهم أسباب التعيش وما به قوام أنفسهم وأبدانهم . ولو كان ذلك كله وقتا لأحدهما لم تقم أنفسهم ، ولا بقي هذا العالم إلى الوقت الذي جعل له البقاء إلى ذلك الوقت .


[15515]:- في الأصل وم: و.
[15516]:- في الأصل وم: و.
[15517]:- في الأصل: لوجهين، في م: إلى وجهين.
[15518]:- في الأصل وم: حيث.
[15519]:- في الأصل وم: فإن.
[15520]:- في الأصل وم: له.
[15521]:- في الأصل وم: وجعله.
[15522]:في الأصل وم: النهار
[15523]:-. من م، ساقطة من الأصل.
[15524]:- ساقطة من نسخة الحرم المكي.
[15525]:- ساقطة من نسخة الحرم المكي.
[15526]:- من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[15527]:- في الأصل وم: حيث.
[15528]:- - في الأصل وم: والتظاهر
[15529]:. في الأصل وم: حيث.