غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ} (72)

71

التفسير : لما بين سبحانه حقيقة آلهيته واستحقاقه للحمد المطلق وأن مرجع الكل إلى حكمته وقضائه ، أتبعه بعض ما يجب أن يحمد عليه مما لا يقدر عليه أحد سواه وهو تبديل ظلام الليل بضياء النهار وبالعكس . والمعنى : أخبروني من يقدر على هذا ؟ والسرمد الدائم المتصل من السرد ، والميم زائدة ، وانتصابه على أن مفعول ثانٍ لجعل أو على الحال ، وإلى متعلق بجعل أو ب { سرمداً } ، ومنافع الليل والنهار والاستدلال بهما على كما قدرة الله تعالى قد تقدمت مراراً . قال جار الله : وإنما لم يقل بنهار تتصرفون فيه كما قيل : { بليل

تسكنون فيه } لأن الضياء وهو ضوء الشمس تتعلق به المنافع المتكاثرة وليس التصرف في المعاش وحده ، والظلام ليس بتلك المنزلة ومن ثَمّ قرن بالضياء { أفلا تسمعون } لأن السمع يدرك ما لا يدركه البصر من ذكر منافعه ووصف فوائده ، وقرن بالليل { أفلا تبصرون } لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ونحوه . قال الكلبي : { أفلا تسمعون } معناه أفلا تطيعون من يفعل ذلك . وقوله { أفلا تبصرون } معناه أفلا تبصرون ما أنتم عليه من الخطأ والضلال . وقال أهل البرهان : قدم الليل على النهار لأن ذهاب الليل بطلوع الشمس أكثر فائدة من ذهاب النهار بدخول الليل . وإنما ختم الآية الأولى بقوله { أفلا تسمعون } بناء على الليل ، وختم الأخرى بقوله { أفلا تبصرون } بناء على النهار والنهار مبصر وآية النهار مبصرة .

/خ88