السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ} (72)

{ قل أرأيتم إن جعل الله } أي : الذي له الأمر كله { عليكم النهار } أي : الذي توازن حرارته برطوبة الليل فيتمّ بها صلاح النبات وغير ذلك من جميع المقدّرات { سرمداً } أي : دائماً { إلى يوم القيامة } لا ليل فيه { من إله غير الله } أي : الجليل الذي ليس له مثل { يأتيكم بليل } أي : ينشأ منه ظلام { تسكنون فيه } استراحة عن متاعب الأشغال ، فإن قيل هلا قيل بنهار تتصرفون فيه كما قيل بليل تسكنون فيه ؟ أجيب : بأنه تعالى ذكر الضياء وهو ضوء الشمس لأنّ المنافع التي تتعلق به متكاثرة ليس التصرف في المعايش وحده والظلام ليس بتلك المنزلة ومن ثمّ قرن بالضياء { أفلا تسمعون } لأن السمع يدرك ما لا يدرك البصر من ذلك منافعه ووصف فوائده وقرن بالليل { أفلا تبصرون } لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ، قال البقاعي : فالآية من الاحتباك ذكر الضياء أولاً دليلاً على حذف الظلام ثانياً والليل والسكون ثانياً دليلاً على حذف النهار والانتشار أوّلاً .