فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ} (72)

ثم لما فرغ من الامتنان عليهم بوجود النهار امتنّ عليهم بوجود الليل فقال : { قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة } أي جعل جميع الدهر الذي تعيشون فيه نهاراً إلى يوم القيامة { مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } أي تستقرّون فيه من النصب والتعب ، وتستريحون مما تزاولون من طلب المعاش والكسب { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } هذه المنفعة العظيمة إبصار متعظ متيقظ ؛ حتى تنزجروا عما أنتم فيه من عبادة غير الله ، وإذا أقرّوا بأنه لا يقدر على ذلك إلاّ الله عزّ وجلّ فقد لزمتهم الحجة ، وبطل ما يتمسكون به من الشبه الساقطة ، وإنما قرن سبحانه بالضياء قوله : { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } لأن السمع يدرك ما لا يدركه البصر من درك منافعه ووصف فوائده ، وقرن بالليل قوله : { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } لأن البصر يدرك ما لا يدركه السمع من ذلك .

/خ88