[ الآية 77 ] وقوله تعالى : { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة } كأن كثرة ما آتاه من المال أنسته الآخرة ، وشغلته عنها وعن العمل لها حتى حمله ذلك على الجحود والإنكار ، فقال : { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } أي لا تنس [ نصيبك ]{[15560]} من مالك في الدنيا ، ولكن قدم لآخرتك .
قال الحسن في قوله : { ولا تنس نصيبك من الدنيا } إلى آخره ؛ قال : أمر أن يأخذ من ماله قدر عيشه ، ويقدم ما سوى ذلك لآخرته . وكذلك قال في قوله : { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة } أي قدم الفضل ، وأمسك ما يبلغك { وأحسن كما أحسن الله إليك } قال : يكفيك ما أحل الله لك من الدنيا ، فإن فيه غنى وكفاية .
وأصله ما روي عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لك من الدنيا من أكلت ولبست وأفنيت وما قدمت ) [ مسلم 2958 ] جعل المقدم من الدنيا له ، وأما خلفه فهو لغيره .
وهكذا [ الدنيا ؛ لم تخلق الدنيا ]{[15561]} لتبقى لأهلها ، أو يبقى أهلها فيها . ولكن إنما خلقت لتفنى هي ، ويفنى{[15562]} أهلها ، وخلقت الآخرة للبقاء . فنصيبه من الدنيا ما قدّم ، وأنفق في طاعة الله في سبيله ، ليس ما خلفه في هذه الدنيا .
وقوله تعالى : { وأحسن كما أحسن الله إليك } يحتمل قوله : { وأحسن } إلى نفسك في العمل للآخرة { كما أحسن الله إليك } وأحسن إلى الخلق { كما أحسن الله إليك } .
وقوله تعالى : { ولا تبغ الفساد في الأرض } هذا يدل أنه كان ينفق ماله . إلا أنه كان ينفق في الصد عن سبيل الله حتى{[15563]} قال : { ولا تبغ الفساد في الأرض } ولو كان في ترك الإنفاق لم يكن في ذلك بغي الفساد في الأرض .
ثم الواجب على من حضر الملوك ، وشهد مجالسهم من أهل العلم أن يخوفوا الملوك ، ويوعدوهم{[15564]} بما أوعد قوم موسى قارون وخوفوه ، ويأمروهم بالصلاح في أنفسهم في رعيتهم كما أمر أولئك قارون ، وينهوهم كما نهاه أولئك . فإن أجابوهم ، وإلا امتنعوا عنهم ، وكفوا أنفسهم عن الاختلاف إليهم . فإن لم يفعلوا فهم شركاؤهم في جميع ما يفعلون ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.