الآية 63 وقوله تعالى : { ولما جاء عيسى بالبينات } الآية قال أهل التأويل : بيّناته ، هي ما كان يأتي به من نحو إحياء الموتى وبراءة الأكمه والأبرص وإيتاء ما يأكلون ، ويدّخرون ونحو ذلك .
والأصل في آيات الأنبياء والرسل عليهم السلام أنها كانت من وجوه ثلاثة تُلزمهم التصديق بهم :
أحدها : ما يأتون [ به من ]{[19006]} كل شيء ، صَغُر ، أو عَظُم ؛ دلالة ذلك ما يعلم كل ذي لبّ وعقل أن ذلك حكمة وحق{[19007]} ، عليهم اتّباعهم في ذلك ، وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عمّا [ لا ]{[19008]} يليق به ، والله أعلم .
والثاني : كانت في أنفسهم وأحوالهم التي كانوا عليها بينات تُلزمهم تصديقهم ، وهو أنهم لبثوا بين أظهرهم ، وكانوا فيهم طول عمرهم ، فلم يأخذ عليهم كذب قط ، ولا ظهر منهم ما يرجع إلى دناءة الأخلاق ولا شيء من ذلك ، والله أعلم .
والثالث : ما كانوا يأتون من الأفعال المعجزة عن توهّم العباد والمعتاد من فعلهم [ لَيُلزِم كل مُنصف ]{[19009]} قبولَها . فعلى هذه الوجوه التي ذكرنا كانت آيات الرسل عليهم السلام والله أعلم .
وقوله تعالى : { قال قد جئتكم بالحكمة } قال بعضهم : الحكمة ههنا هي الإنجيل . وقد ذكر في آية أخرى الكتاب والحكمة حين{[19010]} قال : { وإذا علّمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل } [ المائدة : 110 ] .
ثم جائز أن يكون الكل واحدا ، وجائز أن يكون الكتاب ما يُكتب ، ويُتلى ، والحكمة ما أُودع في المتلوّ والمكتوب من المعنى ، والله أعلم .
ويحتمل أن تكون الحكمة راجعة إلى كل ما يوجب العقل القول به وفعله{[19011]} ، وقد ذكرنا في ما تقدم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ولأبيّن لكم بعض الذي تختلفون فيه } قال بعضهم : أي أبيّن لكم كل الذي تختلفون فيه ، إذ لا يجوز أن يبيّن بعضا ، ويترك [ بيان بعض ]{[19012]}وقد يُذكر البعض ، ويراد به الكل ، نحو ما يقال في كثير من المواضع : الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد بذلك أمّته .
ويحتمل أن يكون المراد من البعض ، هو البعض نفسه لا الكل . ثم يخرّج على وجوه ثلاثة :
أحدها : أي أبيّن لكم بعض ما تختلفون فيه ، فيأتيكم رسول من بعدي ، ويبين لكم باقي ذلك ، أو كلام نحوه ، لأنه لم يقل : أبيّن لكم بعض ما اختلفتم فيه ، ولكن قال : { بعض الذي تختلفون فيه } فهو في الظاهر على الاستقبال .
والثاني : يقول : أبيّن لكم أصول{[19013]} ما تقدرون على استخراج الفروع من تلك الأصول ، والله أعلم . /500-أ/
والثالث : يقول : أبيّن لكم الذي تختلفون فيه ، وهو يرجع إلى أمر الدين دون الراجع إلى أمر المعاش ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فاتقوا الله وأطيعونِ } في ما آمركم به ، وأدعوكم إليه ، وأنهاكم عنه .
ويحتمل أن يكون يقول : اتقوا مهالككم ، والزموا ما به نجاتكم ، وأطيعوني في ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.