تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

الآية 48 وقوله تعالى : { وما نُريهم من آية إلا هي أكبر من أُختها } قال بعضهم : إن كل /498-ب/ آية تأخّرت عن الآية الأخرى ، فهي أعظم وأكبر من التي تقدمت نحو ما كان منهم من الاستغاثة حين{[18970]} قالوا : { ادعُ لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرّجز لنؤمننّ لك } [ الأعراف : 134 ] ثم هو مما أراهم من الآيات قبل ذلك أعظم .

وقال بعضهم : { إلا هي أكبر من أختها } كانت اليد أعظم وأكبر من العصا لأن العصا قد تتهيأ للسّحرة تمويها ، وتحويلها من جنس العصا في جوهرها إلى غير الجواهر ، ولم يتهيأ لهم تحويل اليد عن جوهر اليد ، وقد كان ذلك لموسى . دلّ أن آية اليد أكبر من آية العصا ، والله أعلم .

وقال بعضهم : هذا ليس على تحقيق جعل آية أكبر وأعظم من آية العصا . ولكن وصف الكل بالعِظم والكِبر كقوله تعالى : { آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيّهم أقرب لكم نفعا } [ النساء : 11 ] ليس على إثبات القُرب في أحدهما دون الآخر . ولكن وصف قرب كل واحد منهما من الآخر على السؤال ، وكما يقال في العُرف : إن أفراس فلان ، كل واحد أعدى من الآخر ، وإن أصحاب فلان ، كل واحد أفضل من الآخر ، وإنه لا يُراد بذلك الترجيح ، ولكن إثبات الخبر على السؤال .

فعلى ذلك قوله تعالى : { وما نُريهم من آية إلا هي أكبر من أختها } وصف لهما جميع بالكِبر ، والله أعلم .

ثم ذكر قوله تعالى : { فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون } وغير ذلك من أمثاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبّره على أذى قومه وأنواع ما كانوا يستقبلون من الاستهزاء به وبأتباعه والضحك بما أتاهم من الآيات والحجج على رسالته . وعلى ذلك ما قال : { وكلاّ نقصّ عليك من أنباء الرسل ما نُثبّت به فؤادك } [ هود : 120 ] أخبر أنه إنما قصّ عليه أنباء الرسل المتقدمة لتسلية فؤاده ، والله أعلم .


[18970]:في الأصل وم: حيث.