تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (69)

الآية 69 وقوله تعالى : { الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين } والإشكال أنه سمّى{[19027]} المؤمنين مسلمين بالآيات والإيمان . والإسلام يكون بالله تعالى ، فنقول : لأن الإيمان هو التصديق في اللغة ، وإنما{[19028]} أنبأت الآيات بوحدانية الله وألوهيته ، لأن جهة سبيل معرفة الله تعالى وطريق العلم به إنما هو بالآيات والحجج التي أقامها على ذلك ليس من جهة العيان والمشاهدة .

فالإيمان بالآيات والتصديق بها تصديق /500-ب/ بالله حقيقة وإيمان به ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكانوا مسلمين } هذا يوهم أن الإيمان والإسلام متغايران ، لكن هذا من حيث ظاهر العبارة ، فأما في الحقيقة فهما يرجعان إلى معنى واحد لأن الإسلام هو جعل كل شيء لله تعالى سالما ، لا يُشرك فيه غيره كقوله تعالى { ورجلا سَلَما لرجل } [ الزمر : 29 ] أي خالصا سالما ، لا حق لأحد فيه سواه . والإيمان هو الوصف له بالربوبية في كل شيء ، ومعناهما في الحاصل والتحقيق يرجع إلى معنى واحد ؛ لأنك إذا وصفته بالألوهية والربوبية في كل شيء [ كان ]{[19029]} لله تعالى سالما ، وإذا جعلت كل شيء لله تعالى سالما وصفته بالألوهية والربوبية في كل شيء . فدلّ أن حاصل الإيمان والإسلام واحد ، وإن كانا من حيث ظاهر العبارة مختلفين ، والله أعلم .


[19027]:في الأصل وم: سمّاهم.
[19028]:في الأصل وم: بما.
[19029]:ساقطة من الأصل وم.