النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (6)

{ ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } وهذه البشرى من عيسى تتضمن أمرين :

أحدهما : تبليغ ذلك إلى قومه ليؤمنوا به عند مجيئه ، وذلك لا يكون منه بعد إعلام الله له بذلك إلا عن أمر بتبليغ ذلك إلى أمته .

الثاني : ليكون ذلك من معجزات عيسى عند ظهور محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا يجوز أن يقتصر عيسى فيه على إعلام الله له بذلك دون أمره بالبلاغ .

وفي تسمية الله له بأحمد وجهان :

أحدهما : لأنه من أسمائه فكان يسمى أحمد ومحمداً قال حسان :

صلى الإله ومن يحف بعرشه *** والطيبون على المبارك أحمد{[2973]}

الثاني : أنه مشتق من اسمه محمود ، فصار الاشتقاق اسماً ، كما قال حسان :

وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اسمي في التوراة أحيد لأني أحيد أمتي عن النار ، واسمي في الزبور الماحي محا الله بي عبادة الأصنام ، واسمي في الإنجيل أحمد ، واسمي في القرآن محمد لأني محمود في أهل السماء والأرض " .


[2973]:من قصيدة له في رثاء الرسول صلى الله عليه وسلم انظر سيرة ابن هشام 4/ 320.