تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{الله الذي خلق السماوات والأرض} يدل على نفسه عز وجل بصنعه.
{وما بينهما} يعني السحاب والرياح والجبال والشمس والقمر والنجوم.
{في ستة أيام ثم استوى على العرش} قبل خلق السماوات والأرض وقبل كل شيء.
{ما لكم من دونه من ولي} من قريب ينفعكم في الآخرة، يعني كفار مكة
{أفلا تتذكرون} فيما ذكر الله عز وجل من صنعه فتوحدونه.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلاّ له أيها الناس "الّذِي خَلَقَ السّمَوَاتِ والأرْضَ وَما بَيْنَهُما "من خلق "فِي سِتّةِ أيّامٍ" ثم استوى على عرشه...
وقوله: "ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَليّ وَلا شَفِيعٍ" يقول: ما لكم أيها الناس دونه وليّ يلي أمركم وينصركم منه إن أراد بكم ضرّا، ولا شفيع يشفع لكم عنده إن هو عاقبكم على معصيتكم إياه، يقول: فإياه فاتخذوا وليا، وبه وبطاعته فاستعينوا على أموركم، فإنه يمنعكم إذا أراد منعكم ممن أرادكم بسوء، ولا يقدر أحد على دفعه عما أراد بكم هو، لأنه لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب. "أفَلا تَتَذَكّرُونَ" يقول تعالى ذكره: أفلا تعتبرون وتتفكّرون أيها الناس، فتعلموا أنه ليس لكم دونه وليّ ولا شفيع، فتفردوا له الألوهة، وتخلصوا له العبادة، وتخلعوا ما دونه من الأنداد والآلهة.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فإن قلت: ما معنى قوله: {مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ} قلت: هو على معنيين، أحدهما: أنكم إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم ولياً، أي: ناصراً ينصركم ولا شفيعاً يشفع لكم. والثاني: أن الله وليكم الذي يتولى مصالحكم، وشفيعكم أي ناصركم على سبيل المجاز، لأن الشفيع ينصر المشفوع له. فهو كقوله تعالى: {وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة: 107] فإذا خذلكم لم يبق لكم وليّ ولا نصير.
{ثم استوى على العرش} اعلم أن مذهب العلماء في هذه الآية وأمثالها على وجهين، أحدهما: ترك التعرض إلى بيان المراد وثانيهما: التعرض إليه والأول أسلم وإلى الحكمة أقرب.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
" خلق "أبدع وأوجد بعد العدم وبعد أن لم تكن شيئا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{الذي خلق السماوات} كلها {والأرض} بأسرها {وما بينهما} من المنافع العينية والمعنوية.
{ثم استوى على العرش} أي استواء لم يعهدوا مثله وهو أنه أخذ في تدبيره و تدبير ما حواه بنفسه، لا شريك له ولا نائب عنه ولا وزير، كما تعهدون من ملوك الدنيا إذا اتسعت ممالكهم، وتباعدت أطرافها، وتناءت أقطارها.
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي 911 هـ :
{ثم استوى على العرش} هو في اللغة سرير الملك استواءً يليق به
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} أي ألا تسمعُون هذه المواعظَ فلا تتذكرون بها، أو أتسمعونها فلا تتذكرون بها، فالإنكارُ على الأول متوجه إلى عدمِ السَّماعِ وعدم التَّذكر معاً، وعلى الثاني على عدمِ التَّذكرِ مع تحققِ ما يُوجبه من السَّماعِ.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(ثم استوى على العرش).. الاستواء على العرش رمز لاستعلائه على الخلق كله، أما العرش ذاته فلا سبيل إلى قول شيء عنه، ولا بد من الوقوف عند لفظه.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
لما كان الركن الأعظم من أركان هدى الكتاب هو إثبات الوحدانية للإله وإبطال الشرك عُقب الثناء على الكتاب بإثبات هذا الركن، وجيء باسم الجلالة مبتدأ لإحضاره في الأذهان بالاسم المختص به قطعاً لدابر عقيدة الشريك في الإلهية.
والوليّ: مشتق من الولاء، بمعنى: العهد والحلف والقرابة، ومن لوازم حقيقة الولاء النصر والدفاع عن المولَى، وأُريد بالولي: المشارك في الربوبية، والشفيع: الوسيط في قضاء الحوائج من دفع ضرّ أو جلب نفع.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
أما كلمة العرش تختزن معنى الحكم الذي يتصل بالتدبير الشامل لما تحت سلطانه، وربما كان في الحديث عن الاستواء على العرش إشارةٌ إلى استناد التدبير إلى الله، في مقابل الفكرة التي كان يعتقدها المشركون أن الله هو الخالق للعالم، ولكنه أوكل أمر تدبيره إلى آلهتهم المزعومة، فكان من الضروري أن يتحدث القرآن عن الله من موقع الخلق والتدبير معاً، لتكتمل الصورة في العقيدة بالله من جميع الجهات.
ولما تقرر بما سبق في التي قبلها من اتصافه تعالى بكمال العلم أنه من عنده وبعلمه لا محالة ، وكان هذا أمراً يهتم بشأنه ويعتني{[54478]} بأمره ، لأنه عين المقصود الذي{[54479]} ينبني عليه أمر الدين ، وختم ما ذكره من أمره ههنا بإقامة اهتدائهم مقام الترجي بإنذاره صلى الله عليه وسلم ، أتبعه بيان ذلك بإيجاد عالم الأشباح والخلق ثم عالم الأرواح والأمر ، وإحاطة العلم بذلك كله على وجه يقود تأمله إلى الهدى ، فقال مستأنفاً شارحاً لأمر يندرج فيه إنزاله {[54480]}معبراً بالاسم الأعظم{[54481]} لاقتضاء الإيجاد والتدبير على وجه الانفراد له : { الله } أي الحاوي لجميع صفات الكمال وحده : { الذي خلق السماوات } كلها { والأرض } بأسرها { وما بينهما } من المنافع العينية{[54482]} والمعنوية .
ولما كانت هذه الدار مبنية على حكمة الأسباب كما أشير إليه في لقمان ، وكان الشيء إذا عمل بالتدرج كان أتقن{[54483]} ، قال : { في ستة أيام } كما يأتي تفصيله في فصلت ، وقد كان قادراً على فعل ذلك في أقل من لمح البصر ، ويأتي في فصلت سر كون المدة ستة{[54484]} .
ولما كان تدبير هذه وحفظه وتعهد مصالحه والقيام بأمره أمراً - بعد أمر إيجاده - باهراً ، أشار إلى عظمته بأداة التراخي والتعبير بالافتعال{[54485]} فقال : { ثم استوى على العرش } أي استواء لم يعهدوا مثله وهو أنه{[54486]} أخذ في تدبيره و{[54487]} تدبير ما حواه{[54488]} بنفسه ، لا شريك له ولا نائب عنه ولا وزير ، كما تعهدون من ملوك الدنيا إذا اتسعت ممالكهم ، وتباعدت أطرافها ، وتناءت أقطارها ، وهو معنى قوله تعالى استئنافاً جواباً لمن كأنه قال : العرش بعيد عنا جداً فمن استنابه {[54489]}في أمرنا{[54490]} ، ولذلك لفت{[54491]} الكلام إلى{[54492]} الخطاب لأنه اقعد في التنبيه : { {[54493]}مالكم{[54494]} من دونه } لأنه كل ما سواء من دونه وتحت قهره ، ودل على عموم النفي بقوله : { من ولي } أي يلي أموركم ويقوم بمصالحكم وينصركم إذا حل بكم شيء مما تنذرون به { ولا شفيع } يشفع عنده في تدبيركم أو في أحد منكم بغير إذنه ، وهو كناية عن قربه من كل شيء وإحاطته به ، وأن إحاطته بجميع خلقه على حد سواء لا مسافة بينه وبين شيء أصلاً{[54495]} .
ولما كانوا مقرين بأن الخلق خلقه والأمر أمره ، عارفين بأنه لا يلي وال من قبل ملك من الملوك {[54496]}إلا بحجة{[54497]} منه يقيمها على أهل{[54498]} البلدة التي أرسل إليها أو ناب فيها ، ولا يشفع شفيع فيهم إلا وله إليه وسيلة ، تسبب عن ذلك الإنكار عليهم في قوله : { أفلا تتذكرون } أي تذكراً{[54499]} عظيماً بما أشار إليه الإظهار ما
{[54500]}تعلمونه من{[54501]} أنه الخالق وحده ، ومن أنه لا حجة لشيء مما أشركتموه بشيء مما أهلتموه{[54502]} له ولا وسيلة لشيء منهم إليه يؤهل بها في الشفاعة فيكم ولا أخبركم أحد منهم بشيء{[54503]} من ذلك ، فكيف تخالفون في هذه الأمور التي هي أهم المهم ، لأن عاقبتها خسارة الإنسان نفسه ، فضلاً عما دونها عقولكم وما جرت به عوائدكم ، وتتعللون فيها بالمحال ، وتقنعون بقيل وقال ، وتخاطرون فيه{[54504]} بالأنفس والأولاد والأموال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.