جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ولقد كان هؤلاء الذين يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانصراف عنه، ويقولون إن بيوتنا عورة، عاهدوا الله من قبل ذلك، أن لا يولوا عدوّهم الأدبار، إن لقولهم [لعل الصواب: إن لقوهم] في مشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، فما أوفوا بعهدهم.
"وكانَ عَهْد اللّهِ مَسْئُولاً" يقول: فيسأل الله ذلك من أعطاه إياه من نفسه.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
ولكن لما عزم الأمر، وظهر الجدّ لم يساعدهم الصدقُ، ولم يذكروا أنهم سَيُسألون عن عهدهم، ويُعاقبون على ما أسلفوه من ذنبهم.
بيانا لفساد سريرتهم وقبح سيرتهم لنقضهم العهود، فإنهم قبل ذلك تخلفوا وأظهروا عذرا وندما، وذكروا أن القتال لا يزال لهم قدما ثم هددهم بقوله: {وكان عهد الله مسئولا}.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
هكذا يكشفهم القرآن؛ ويقف نفوسهم عارية من كل ستار.. ثم يصمهم بعد هذا بنقض العهد وخلف الوعد. ومع من؟ مع الله الذي عاهدوه من قبل على غير هذا؛ ثم لم يرعوا مع الله عهدا.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والمراد بعهد الله: كل عهد يوثقه الإنسان مع ربه.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ} في ما ألزموا به أنفسهم من الإخلاص لله ورسوله بأن يمنعوا النبي مما يمنعون به أنفسهم، وأن لا يفرّوا مهما كانت النتائج {لاَ يُوَلُّونَ الاْدْبَارَ} في خط المواجهة للعدو {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤولاً} لأن الله أراد للمسلمين أن يوفوا بعهودهم ولا ينقضوها، لأن الكلمة التي تعبر عن الالتزام الداخلي، تفرض على صاحبها من موقع الإيمان أن يجعلها قانوناً شرعياً يلتزم به كما يلتزم بالأوامر الصادرة عن الله ورسوله.
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
من الهداية: -وجوب الوفاء بالعهد، إذ نقض العهد من علامات النفاق.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
يبدو أنّ للآية أعلاه مفهوماً واسعاً يشمل هذه العهود والمواثيق، وكلّ عهودهم الأخرى. إنّ كلّ من يؤمن ويبايع النّبي (صلى الله عليه وآله) يعاهده على أن يدافع عن الإسلام والقرآن ولو كلّفه ذلك حياته. والتأكيد على العهد والميثاق هنا من أجل أنّه حتّى عرب الجاهلية كانوا يحترمون مسألة العهد، فكيف يمكن أن ينقض إنسان عهده ويضعه تحت قدميه بعد ادّعائه الإسلام؟
ولما كانت{[55212]} عنايتهم مشتدة{[55213]} بملازمة دورهم . فأظهروا اشتداد العناية بحمايتها زوراً ، بين الله ذلك ودل عليه بالإسناد إلى الدور تنبيهاً{[55214]} على أنها ربة الحماية والعمدة فقال : { ولو دخلت } أي بيوتهم من أيّ داخل كان من هؤلاء الأحزاب{[55215]} أو{[55216]} غيرهم ، وأنث الفعل نصاً على المراد وإشارة إلى أن{[55217]} ما ينسب{[55218]} إليهم جدير بالضعف ، وعبر بأداة الاستعلاء فقال : { عليهم } إشارة إلى أنه دخول غلبة{[55219]} { من أقطارها } أي جوانبها كلها بحيث لا يكون لهم مكان للهرب{[55220]} .
ولما كان قصد الفرار مع الإحاطة بالدار ، من جميع الأقطار ، دون الاستقتال{[55221]} للدفع عن الأهل والمال ، بعيداً عن أفعال الرجال ؛ عبر{[55222]} بأداة التراخي فقال : { ثم سئلوا } أي{[55223]} من أيّ سائل كان{[55224]} { الفتنة } أي الخروج منها فارّين ، وكأنه سماه بها لأنه لما كان أشد الفتنة{[55225]} {[55226]}من حيث أنه لا يخرج الإنسان من بيته إلا الموت أو ما يقاربه كان كأنه لا فتنة سواه { لأتوها } أي الفتنة{[55227]} بالخروج فراراً ، إجابة لسؤال من سألهم مع غلبة الظن بالدخول على صفة الإحاطة أن لا نجاة ، فهم أبداً يعولون على الفرار من غير قتال حماية لذمار{[55228]} او دفعاً لعار ، أو ذباً عن أهل أو جار ، وهذا{[55229]} المعنى ينتظم قراءة أهل{[55230]} الحجاز بالقصر وغيرهم{[55231]} بالمد{[55232]} ، فإن من أجاب إلى الفرار فقد أعطى ما كأنه كان في يده منه غلبة وجبناً وقد جاءه وفعله .
ولما كان هذا عند العرب - مع ما لهم من النجدة والخوف من السبة{[55233]} - لا يكاد يصدق ، أشار إلى ذلك بتأكيده في زيادة تصويره فقال : { وما تلبثوا بها } أي{[55234]} البيوت { إلا يسيراً * } فصح بهذا أنهم لا يقصدون إلا الفرار ، لا حفظ البيوت من المضار ، ويدلك على هذا المعنى إتباعه بقوله مؤكداً لأجل ما لهم من الإنكار والحلف بالكذب{[55235]} : { ولقد كانوا } أي هؤلاء الذين أسرعوا الإجابة إلى الفرار مع الدخول عليهم على تلك الصفة من سبي حريمهم واجتياح{[55236]} بيضتهم { عاهدوا الله } أي الذي لا أجلّ منه .
ولما كان العهد ربما طال زمنه فنسي ، فكان ذلك عذراً لصاحبه ، بين قرب زمنه بعد{[55237]} بيان عظمة المعاهد اللازم منه ذكره ، فقال مثبتاً الجار : { من قبل } أي قبل هذه الحالة وهذه الغزوة حين أعجبتهم المواعيد الصادقة بالفتوحات التي سموها الآن عندما جد الجد مما هي مشروطة به من الجهاد غروراً { لا يولّون } أي يقربون عدوهم { الأدبار } أي أدبارهم{[55238]} أبداً لشيء من الأشياء ، ولا يكون لهم عمل إذا حمى الياس ، وتخالط الناس ، واحمرت الحدق وتداعس الرجال ، وتعانق الحماة الأبطال إلى{[55239]} الظفر أو الموت .
ولما كان الإنسان قد يتهاون بالعهد لإعراض المعاهد عنه قال : { وكان عهد الله } أي الوفاء بعهد من هو محيط بصفات الكمال . ولما كان العهد فضلة في الكلام لكونه مفعولاً ، واشتدت العناية به هنا ، بين ذلك بتقديمه أولاً{[55240]} ثم يجعله العمدة ، وإسناد الفعل إليه ثانياً فقال : { مسؤولاً * } ، أي في{[55241]} أن يوفي{[55242]} به ذلك الذي وقع منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.