جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى" يقول تعالى ذكره : فسنهيئه في الدنيا للخَلّة العُسرى ...
وقيل : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى ولا تيسر في العُسرى للذي تقدّم في أوّل الكلام من قوله : "فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى"، وإذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والآخر ذكر الشرّ ، جاز ذلك بالتيسير فيهما جميعا. والعُسرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه ييسره لها : العمل بما يكرهه ولا يرضاه ...
حدثني واصل بن عبد الأعلى وأبو كُرَيب ، قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلميّ ، عن عليّ ، قال : كُنّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فنكَتَ الأرض ، ثم رفع رأسه فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ » . قلنا : يا رسول الله أفلا نتّكل ؟ قال : «لا ، اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ » ، ثم قرأ : "فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى" .
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
أي للعمل بما لا يرضى الله حتى يستوجب به النار ، فكأنه قال : نخذله ونؤديه إلى الأمر العسير ، وهو العذاب . وقيل : سندخله جهنم ، والعسرى اسم لها . ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فسنخذله ونمنعه الألطاف ، حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشدّه ....أو سمى طريقة الخير باليسرى ، لأنّ عاقبتها اليسر ؛ وطريقة الشرّ العسرى ، لأن عاقبتها العسر . أو أراد بهما طريقي الجنة والنار ، أي : فسنهديهما في الآخرة للطريقين . ...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
أي : لطريق الشر ....والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله ، عز وجل ، يُجازي من قصد الخير بالتوفيق له ، ومن قصد الشر بالخذلان . وكل ذلك بقدر مُقدّر ، والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة..... الآية نزلت في أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه : حدثني هارون ابن إدريس الأصم ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد ابن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة ، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه : أي بني ، أراك تعتق أناسًا ضعفاء ، فلو أنك تعتق رجالا جُلَداء يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك ؟ ! فقال : أيْ أبَت ، إنما أريد - أظنه قال - ما عند الله : قال : فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } .
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ فسنيسره } أي نهيئه بما لنا من العظمة بوعد لا خلف فيه { للعسرى } أي للخصلة التي هي أعسر الأشياء وأنكدها ، وهي العمل بما يغضبه سبحانه الموجب لدخول النار وما أدى إليه ، وأشار بنون العظمة في كل من نجد الخير ونجد الشر إلى أن ارتكاب الإنسان لكل منهما في غاية البعد ، أما نجد الخير فلما حفه من المكاره ، وأما نجد الشر فلما في العقل والفطرة الأولى من الزواجر عنه ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
ومن مرنت نفسه على الشر وتعودت الخبث فيسهل الله له الخطة العسرى
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويستحق أن يعسر الله عليه كل شيء ، فييسره للعسرى ! ويوفقه إلى كل وعورة ! ويحرمه كل تيسير ! ويجعل في كل خطوة من خطاه مشقة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد . ويصعد به في طريق الشقاوة . وإن حسب أنه سائر في طريق الفلاح . وإنما هو يعثر فيتقي العثار بعثرة أخرى تبعده عن طريق الله ، وتنأى به عن رضاه . .
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
والتيسير للعسر بالنسبة لهذه المجموعة ، يقابله التيسير لليسر للمجموعة الاُولى التي يشملها الله بتوفيقه ، وييسر لها طريق الطاعة والإنفاق ، وبذلك تتذلل أمامها مشاكل الحياة . . . أمّا هذه المجموعة فتُحرم التوفيق ، ويتعسّر عليها شقّ الطريق وتواجه الضنك والنصب في الدنيا والآخرة ، وهؤلاء البخلاء الخاوون من الإيمان يشقّ عليهم فعل الخير وخاصّة الإنفاق ، بينما هو للمجموعة الاُولى مقرون باللذة والانشراح . ...
" فسنيسره " أي نسهل طريقه . . . " للعسرى " أي للشر . وعن ابن مسعود : للنار . وقيل : أي فسنعسر عليه أسباب الخير والصلاح حتى يصعب عليه فعلها . وقد تقدم أن الملك ينادي صباحا ومساء : [ اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا ] . رواه أبو الدرداء .
مسألة : قال العلماء : ثبت بهذه الآية وبقوله : " ومما رزقناهم ينفقون{[16111]} " [ البقرة : 3 ] ، وقوله : " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية{[16112]} " [ البقرة : 274 ] إلى غير ذلك من الآيات - أن الجود من مكارم الأخلاق ، والبخل من أرذلها . وليس الجواد الذي يعطي في غير موضع العطاء ، ولا البخيل الذي يمنع في موضع المنع ، لكن الجواد الذي يعطي في موضع العطاء ، والبخيل الذي يمنع في موضع العطاء ، فكل من استفاد بما يعطي أجرا وحمدا فهو الجواد . وكل من استحق بالمنع ذما أو عقابا فهو البخيل . ومن لم يستفد بالعطاء أجرا ولا حمدا ، وإنما استوجب به ذما فليس بجواد ، وإنما هو مسوف مذموم ، وهو من المبذرين الذين جعلهم اللّه إخوان الشياطين ، وأوجب الحجر عليهم . ومن لم يستوجب بالمنع عقابا ولا ذما ، واستوجب به حمدا ، فهو من أهل الرشد ، الذين يستحقون القيام على أموال غيرهم ، بحسن تدبيرهم وسداد رأيهم .
الرابعة- قال الفراء : يقول القائل : كيف قال : " فسنيسره للعسرى " ؟ وهل في العسرى تيسير ؟ فيقال في الجواب : هذا في إجازته بمنزلة قوله عز وجل : " فبشرهم بعذاب أليم{[16113]} " [ آل عمران : 21 ] ، والبشارة في الأصل على المفرح والسار ، فإذا جمع في كلامين هذا خير وهذا شر ، جاءت البشارة فيهما . وكذلك التيسير في الأصل على المفرح ، فإذا جمع في كلامين هذا خير وهذا شر ، جاء التيسير فيهما جميعا . قال الفراء : وقوله تعالى : " فسنيسره " : سنهيئه . والعرب تقول : قد يسرت الغنم : إذا ولدت أو تهيأت للولادة . قال :
هما سيدانا يزعمان وإنما *** يسودانِنا أنْ يَسَّرتْ غَنَمَاهما{[16114]}
ولما كان جامداً مع المحسوسات كالبهائم قال : { فسنيسره } أي نهيئه بما لنا من العظمة بوعد لا خلف فيه { للعسرى * } أي للخصلة التي هي أعسر الأشياء وأنكدها ، وهي العمل بما يغضبه سبحانه الموجب لدخول النار وما أدى إليه ، وأشار بنون العظمة في كل من نجد الخير ونجد الشر إلى أن ارتكاب الإنسان لكل منهما في غاية البعد ، أما نجد الخير فلما حفه من المكاره ، وأما نجد الشر فلما في العقل والفطرة الأولى من الزواجر عنه ، وذلك كله أمر قد فرغ منه في الأزل بتعيين أهل السعادة وأهل الشقاوة " وكل كما قال صلى الله عليه وسلم - ميسر لما خلق له " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.