اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

8

قوله : { فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى } يدل على أن التوفيق والخذلان من الله تعالى لأن التيسير يدل على الرجحان ولزم الوجوب ، لأنه لا واسطة بين الفعل والترك ، ومع الاستواء لا ترجيح فحال المرجوحية أولى بالامتناع ، ومتى امتنع أحد الطرفين وجب الآخر إذ لا خروج عن النقيضين . أجاب القفال{[60346]} : أنه من باب تسمية أحد الضدين باسم الآخر ، كقوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ } [ الشورى : 40 ] فسمى الله الألفاظ الداعية إلى الطَّاعة تيسيراً لليسرى ، وسمى ترك هذه الألفاظ تيسيراً للعسرى ، أو هو من باب إضافة الفعل إلى السبب دون الفاعل ، كقوله تعالى : { إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً } [ إبراهيم : 36 ] ، أو يكون على سبيل الحكم ، والإخبار عنه .

وأجيب بأن هذا كلهُ عدول عن الظاهر ، والظاهر من جهتنا وهو المقصود من الحديث المتقدم : «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنفوسةٍ » .

قال القفال{[60347]} : معنى الحديث : أن النَّاس خلقوا للعبادة ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] ، وهذا ضعيفٌ ؛ لأن هذا جواب عن قولهم : «ألا نتكل » ؟ فقال : اعملوا فكلٌّ ميسر ، لما وافق معلوم الله تعالى .

/خ10


[60346]:ينظر: الفخر الرازي 31/182.
[60347]:ينظر: الفخر الرازي 31/182.