{ فسنيسره للعسرى } أي فسنهيئه للخصلة العسرى ونسهلها له حتى يتعسر عليه أسباب الخير والصلاح ويضعف عن فعلها فيؤديه ذلك إلى النار ، قال مقاتل يعسر عليه أن يعطي خيرا ، قيل العسرى الشر ، وذلك أن الشر يؤدي إلى العذاب ، والعسرة في العذاب والمعنى سنهيئه للشر بأن نجريه على يديه ، قال الفراء سنيسره سنهيئه ، والعرب تقول قد يسرت الغنم إذا ولدت أو تهيأت للولادة ، قال ابن عباس للعسرى للشر من الله وقيل للنار .
وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن علي بن أبي طالب قال " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار فقالوا يا رسول الله أفلا نتكل ؟ فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاء ثم قرأ فأما من أعطى ، إلى قوله ، للعسرى " .
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال " يا رسول الله في أي شيء يعمل ، أفي شيء ثبتت فيه المقادير وجرت به الأقلام أم في شيء يستقبل فيه العمل ، قال بل في شيء ثبتت فيه المقادير ، وجرت فيه الأقلام ، قال سراقة : ففيم العمل إذن يا رسول الله ؟ قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية فأما من أعطى ، إلى آخرها "
وقد تقدم حديث عمران بن حصين في السورة التي قبل هذه ، وفي الباب أحاديث من طريق جماعة من الصحابة قال الفراء : لقائل أن يقول كيف قال ذلك وهل في العسرى تيسير ؟ انتهى .
وإيضاح الجواب عن هذا ما ورد في الحديث " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " أي عليكم بشأن العبودية وما خلقتم لأجله وأمرتم به ، وكلوا أمور الربوبية الغيبية إلى صاحبها فلا عليكم بشأنها ، ونظيره الرزق المقسوم مع الأمر بالكسب ، والأجل المضروب في العمر مع المعالجة بالطب ، فإنك تجد المغيب فيهما علة موجبة ، والظاهر البادي سببا مخيلا وقد اصطلح الناس خاصتهم وعامتهم أن الظاهر فيهما لا يترك بسبب الباطن ، قاله الكرخي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.