الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{أَوَلَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡـٔٗا} (67)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول الله تعالى ذكره: أَوَ لاَ يذكرُ الإنسانُ المتعجب من ذلك المنكر قدرة الله على إحيائه بعد فنائه، وإيجاده بعد عدمه في خلق نفسه، أن الله خلقه من قبل مماته، فأنشأه بشرا سويا من غير شيء ولمْ يكُ من قبل إنشائه إياه شَيئا فيعتبر بذلك ويعلم أن من أنشأه من غير شيء لا يعجز عن إحيائه بعد مماته، وإيجاده بعد فنائه...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ثم ذَكَّرَهُم بدء حالهم حين لم يكونوا شيئا، فخلقهم، فقال: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} فإن قدر على خلقه في الابتداء، ولم يك شيئا، كان على إحيائه وبعثه بعد ما كان شيئا أقدر...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

... أبطل لهم كلَّ دعوى حيث ذَكَّرَهم نَسبَهم وكَوْنَهم مِنَ العَدَمِ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الواو عطفت {أَوَلاَ يَذْكُرُ} على {يَقُولُ} ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف، يعني: أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى فإن تلك أعجب وأغرب وأدلّ على قدرة الخالق؟؟ حيث أخرج الجواهر والأعراض من العدم إلى الوجود، ثم أوقع التأليف مشحوناً بضروب الحكم التي تحار الفطن فيها، من غير حذو على مثال واقتداء بمؤلف. ولكن اختراعاً وإبداعاً من عند قادر جلت قدرته ودقت حكمته. وأما الثانية فقد تقدمت نظيرتها وعادت لها كالمثال المحتذى عليه، وليس فيها إلا تأليف الأجزاء الموجودة الباقية وتركيبها، ورّدها إلى ما كانت عليه مجموعة بعد التفكيك والتفريق. وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} دليل على هذا المعنى، وكذلك قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] على أن رب العزّة سواء عليه النشأتان، لا يتفاوت في قدرته الصعب والسهل، ولا يحتاج إلى احتذاء على مثال؛ ولا استعانة بحكيم، ولا نظر في مقياس، ولكن يواجه جاحد البعث بذلك دفعاً في بحر معاندته، وكشفاً عن صفحة جهله...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والنشأة الأولى والإخراج من العدم إلى الوجود أوضح دليل على جواز البعث من القبور ثم قرر وأوجبه السمع...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قال بعض العلماء: لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجة في البعث على هذا الاختصار لما قدروا عليها إذ لا شك أن الإعادة ثانيا أهون من الإيجاد أولا، ونظيره قوله: {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة} وقوله: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم قابل إنكاره الباطل بإنكار هو الحق فقال عطفاً على يقول أو على ما تقديره: ألا يذكر ما لنا من تمام القدرة بخلق ما هو أكبر من ذلك من جميع الأكوان: {أو لا يذكر} بإسكان الذال على قراءة نافع وابن عامر وعاصم إشارة إلى أنه أدنى ذكر من هذا يرشده إلى الحق، وقراءة الباقين بفتح الذال والكاف وتشديدهما يشير إلى أنه -لاستغراقه في الغفلة- يحتاج إلى تأمل شديد {الإنسان} أي الآنس بنفسه، المجترئ بهذا الإنكار على ربه وقوفاً مع نفسه {أنا خلقناه} وأشار بإثباته الجار إلى سبقه بالعدم فقال: {من قبل} أي من قبل جدله هذا أي بما لنا من القدرة والعظمة. ولما كان المقام لتحقيره بكونه عدماً، أعدم من التعبير عن ذلك ما أمكن إعدامه، وهو النون، لتناسب العبارة المعتبر فقال: {ولم يك شيئاً} أصلاً، وإنا بمقتضى ذلك قادرون على إعادته فلا ينكر ذلك.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهو اعتراض منشؤه غفلة الإنسان عن نشأته الأولى. فأين كان؟ وكيف كان؟ إنه لم يكن ثم كان؛ والبعث أقرب إلى التصور من النشأة الأولى لو أنه تذكر: أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا؟...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتقدير: إنا خلقناه من قبل كلّ حالة هو عليها، والمعنى: الإنكار على الكافرين أن يقولوا ذلك ولا يتذكروا حال النشأة الأولى فإنها أعجب عند الذين يَجرون في مداركهم على أحكام العادة، فإن الإيجاد عن عدم من غير سبق مثال أعجبُ وأدعى إلى الاستبعاد من إعادة موجودات كانت لها أمثلة. ولكنها فسدت هياكلها وتغيرت تراكيبها. وهذا قياس على الشاهد وإن كان القادر سواءً عليه الأمران...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

فإن هذا التذكر يفتح أمامه حركة الفكر في الاتجاه السليم. فإذا كان الله يمنح الوجود للأشياء من قلب العدم، فكيف لا يستطيع أن يعيده إليها بعد الموت؟ وذلك هو الفرق بين الإنسان الذي يفكر في القضايا في ملامحها السطحية، وبين الإنسان الذي يفكر في العمق الكامن في خلفياتها الداخلية، وملامحها الإيحائية...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ثمّ يجيبهم مباشرة بنفس التعبير (أو لا يذكر الإِنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً). ويمكن أن يكون التعبير ب «الإنسان» هنا أيضاً إِشارة إلى أن الإِنسان مع ذلك الاستعداد والذكاء الذي منحه الله إيّاه، يجب أن لا يجلس ساكتاً أمام هذا السؤال، بل يجب أن يجيب عليه بتذكر الخلق الأوّل، وإِلاّ فإنّه لم يستعمل حقيقة إِنسانيته. إِنّ هذه الآيات ككثير من الآيات المرتبطة بالمعاد تؤكّد على المعنى الجسماني، وإِلاّ فإذا كان القرار أن تبقى الروح فقط، ولا وجود لرجوع الجسم إلى الحياة، فلا مكان ولا معنى لذلك السؤال، ولا لهذا الجواب.