فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوَلَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡـٔٗا} (67)

{ أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه } الهمزة للإنكار التوبيخي والواو لعطف الجملة على أخرى مقدرة ، أي أيقول ذلك ولا يذكر . وقرئ يذكر بالتخفيف وبالتشديد وأصله يتذكر ، وفي قراءة أبيّ أو لا يتذكر ، والمراد بالذكر هنا إعمال الفكر أي ألا يتفكر هذا الجاحد في أول خلقه فيستدل بالإبتداء على الإعادة ؟ . والإبتداء أعجب وأغرب من الإعادة لأن النشأة الأولى هي إخراج لهذه المخلوقات من العدم إلى الوجود ابتداعا واختراعا لم يتقدم عليه ما يكون كالمثال له ، وأما النشأة الآخرة فقد تقدم عليها النشأة الأولى فكانت كالمثال لها .

ومعنى { من قبل } من قبل بعثه ، وقدره الزمخشري من قبل الحالة التي هو عليها الآن وهي حالة بقائه { ولم يك شيئا } أي والحال أنه لم يكن حينئذ شيئا من الأشياء أصلا ، فالإعادة بعد أن كان شيئا موجودا أسهل وأيسر وأهون . ثم لما جاء سبحانه وتعالى بهذه الحجة التي أجمع العقلاء على أنه لم تكن في حجج البعث حجة أقوى منها أكد بالقسم باسمه سبحانه . مضافا إلى رسوله تشريفا له وتعظيما ، أو أن العادة جارية بتأكيد الخبر بالتمييز فقال :