ثم إن الله -تعالى- أقام للدلالة على صحة البعث فقال : { أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنْسَانُ } الآية{[21951]} قرأ نافع{[21952]} ، وابن عامر{[21953]} ، وعاصم{[21954]} ، وجماعة : " يَذْكُرُ " مضارع ذكر .
والباقون بالتشديد{[21955]} مضارع تذكَّر . والأصل : يتذكر ، فأدغمت التاء في الذال{[21956]} .
وقد قرأ بهذا الأصل وهو " يتذكَّر " أبيٌّ{[21957]} .
والهمزة في قوله : " أو لا يذكُرُ مؤخرة على حرف العطف تقديراً كما هو قول الجمهور{[21958]} وقد رجع الزمخشري إلى قول{[21959]} الجمهور هنا فقال : الواو عطفت " لا يذكُرُ " على " يَقُولُ " ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف " عليه " {[21960]} وحرف العطف{[21961]} .
ومذهبه : أن يقدر بين حرف العطف وهمزة الاستفهام جملة يعطف عليها ما بعدها{[21962]} .
وقد فعل هذا أعني الرجوع إلى قول الجمهور في سورة الأعراف كما نبَّه عليه في موضعه{[21963]} .
قوله : { مِنْ قَبْلُ } أي : من قبل بعثه{[21964]} ، وقدره الزمخشري : من قبل الحالة التي هو فيها ، " وهي حالة " {[21965]} بقائه{[21966]} .
قال بعض العلماء{[21967]} : لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجة في البعث على هذا الاختصار ما قدروا عليه ، إذ لا شك أنَّ الإعادة ثانياً أهون من الإيجاد أولاً ، ونظيره قوله تعالى { قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ }{[21968]} ، وقوله{[21969]} : { وَهُوَ الذي يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }{[21970]} واحتجوا بهذه الآية على أنَّ المعدوم ليس بشيء ، وهو ضعيف ؛ لأن الإنسان عبارة عن مجموع جواهر متألفة قامت بها أعراض ، وهذا المجموع ما كان شيئاً ، ولكن لم قلت : إن كل واحد من تلك الأجزاء ما كان شيئاً قبل{[21971]} كونه موجوداً فإن قيل : كيف أمر الله -تعالى- الإنسان بالتذكر مع أنَّ التذكر هو العلم بما علمه من قبل ثم تخللهما سهو ؟ .
فالجواب : المراد أو لا{[21972]} يتفكر فيعلم خصوصاً إذا قرئ{[21973]} " أو لا يذَّكَّرُ " مشدداً{[21974]} ، أما إذا قرئ{[21975]} " أو لا يذكُرُ " مخففاً{[21976]} ، فالمراد أو لا يعلم ذلك من حال نفسه لأنَّ كل أحد يعلم أنه لم يكن حيًّا في الدنيا ثم صار حيًّا{[21977]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.