الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَلَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡـٔٗا} (67)

فقال الله تعالى لنا : { أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا } أي : فكما خلقناه من غير شيء ، وأوجدناه من{[44516]} عدم ، كذلك نحييه بعد مماته . وهذا مثل قوله تعالى : { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه }{[44517]} فكان الجواب { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة } والرؤية{[44518]} بمعنى العلم في هذا . أي : أولم يعلم الإنسان ذلك من حدوثه قبل أن لم يكن شيئا . ولا يجوز أن تكون من رؤية البصر ، لأن الإنسان لم ير نفسه وقت خلقه .

والوقف على ( حيا ) بعيد ، لأن ( أولا ) معطوف ، دخل عليه ألف الاستفهام للتوبيخ .

وقيل : {[44519]} إن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة{[44520]} وأصحابه . ثم هي في كل من كان مثلهم من الكفار المنكرين للبعث . ودخلت اللام في ( لسوف ) للتأكيد جوابا لقول قبل للإنسان ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( إذا ما مت لسوف تبعث حيا ) . فقال إنكارا للبعث ، وجوابا لما قيل له : ( أئذا ما مت لسوف أبعث ) فأتى باللام في الجواب ، كما كانت في القول ولو كان مبتدئا بذلك لم تدخل اللام ، لأن اللام{[44521]} للتأكيد والإيجاب ، وهو منكر للبعث ، فلا يصلح دخول اللام في غير{[44522]} منكر لخبره ، فإنما دخلت في هذا لمجازاة ما قيل له . أدخل اللام في الجواب كما دخلت في القول الذي أجاب عنه .


[44516]:ع: عن والمثبت في النص من ز.
[44517]:يس: آية 77.
[44518]:ز: الرؤية هنا: (تصحيف).
[44519]:وقيل سقطت من ز.
[44520]:الوليد بن المغيرة هو الذي نزل في قول الله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا} (المدثر آية 11-16) وذلك حين تحير في وصف القرآن الكريم، انظر: سيرة ابن هشام 1/192 والمعارف 251.
[44521]:من قوله (في الجواب) إلى لأن اللام سقط من ز بسبب انتقال النظر.
[44522]:ز: خبر.