فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَا يَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ يَكُ شَيۡـٔٗا} (67)

{ أَوَ لاَ يَذْكُرُ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } الهمزة للإنكار التوبيخي ، والواو لعطف الجملة التي بعدها على الجملة التي قبلها ، والمراد بالذكر هنا : إعمال الفكر ، أي ألا يتفكر هذا الجاحد في أوّل خلقه فيستدلّ بالابتداء على الإعادة ، والابتداء أعجب وأغرب من الإعادة ، لأن النشأة الأولى هي إخراج لهذه المخلوقات من العدم إلى الوجود ابتداعاً واختراعاً ، لم يتقدّم عليه ما يكون كالمثال له ، وأما النشأة الآخرة فقد تقدّم عليها النشأة الأولى فكانت كالمثال لها ، ومعنى { مِن قَبْلُ } : قبل الحالة التي هو عليها الآن ، وجملة : { ولم يك شيئاً } في محل نصب على الحال ، أي والحال أنه لم يكن حينئذٍ شيئاً من الأشياء أصلاً ، فإعادته بعد أن كان شيئاً موجوداً أسهل وأيسر . قرأ أهل مكة وأبو عمرو وأبو جعفر وأهل الكوفة إلا عاصماً ( { أو لا يذكر } بالتشديد ، وأصله يتذكر . وقرأ شيبة ونافع وعاصم وابن عامر ) يذكر ( بالتخفيف ، وفي قراءة أبيّ ) ( أو لا يتذكر ) .

/خ72