إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتۡ عَلَيۡنَا شِقۡوَتُنَا وَكُنَّا قَوۡمٗا ضَآلِّينَ} (106)

{ قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا } أي ملكتَنا { شِقْوَتُنَا } التي اقترفناها بسوءِ اختيارِنا كما ينبئ عنه إضافتُها إلى أنفسِهم . وقرئ شَقوتُنا بالفتحِ وشقاوتُنا أيضاً بالفتحِ والكسرِ { وَكُنَّا } بسببِ ذلك { قَوْماً ضَالّينَ } عن الحقِّ ولذلك فعلنا من التَّكذيب وهذا كما ترى اعترافٌ منهم بأنَّ ما أصابهم قد أصابَهم بسوءِ صنيعهم وأمَّا ما قيل من أنَّه اعتذارٌ منهم بغلبة ما كُتب عليهم من الشَّقاوةِ الأزليَّةِ فمع أنَّه باطلٌ في نفسِه لما أنَّه لا يُكتبُ عليهم من السَّعادةِ والشَّقاوةِ إلا ما علمَ الله تعالى أنَّهم يفعلونَه باختيارِهم ضرورةَ أنَّ العلمَ تابعٌ للمعلومِ يردُّه قولُه تعالى : { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظالمون } .