الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَآءِ إِلَٰهٞ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ} (84)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} فعظم نفسه عما قالوا، فقال: وهو الذي يوحد في السماء، ويوحد في الأرض.

{وهو الحكيم} في ملكه، الخبير بخلقه {العليم} بهم...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وَهُوَ الّذِي فِي السّماءِ إلَهٌ، وفي الأرْضِ إلَه" يقول تعالى ذكره: والله الذي له الألوهة في السماء معبود، وفي الأرض معبود كما هو في السماء معبود، لا شيء سواه تصلح عبادته، يقول تعالى ذكره: فأفردوا لمن هذه صفته العبادة، ولا تشركوا به شيئا غيره...

وقوله: "وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ "يقول: وهو الحكيم في تدبير خلقه، وتسخيرهم لما يشاء، العليم بمصالحهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} الإله في اللغة، هو المعبود...يحتمل أن يقول: تعلمون أنتم أن الله سبحانه وتعالى هو إله في السماء والأرض، وإله من فيهما وما فيهما، وأنه خالق ذلك كلّه لقوله: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [لقمان: 25 و...] والأصنام التي تعبدونها لم يفعلوا ذلك، ولا يملكون شيئا من ذلك، فكيف اتخذتموها آلهة دونه؟

{وهو الحكيم العليم}.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

إنما كرر لفظة إله في قوله "وفي الأرض إله "لأحد أمرين:

أحدهما -للتأكيد ليتمكن المعنى في النفس لعظمه في باب الحق.

الثاني- إن المعنى هو في السماء إله، يجب على الملائكة عبادته، وفي الأرض إله يجب على الآدميين عبادته.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

المعبودُ -في السماء- الله، والمقصودُ -في طلب الحوائج في الأرض- الله. أهلُ السماءِ لا يعبدون غير الله، وأهل الأرض لا يَقْضِي حوائجهم غير الله.

{وَهُوَ الْحَكِيمُ} في إمهاله للعصاة، {الْعَلِيمُ} بأحوالِ العِباد...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما نزهه سبحانه عن الولد ودل على ذلك بأنه مالك كل شيء وملكه، وكان ذلك غير ملازم للألوهية، دل على أنه مع ذلك هو الإله لا غيره في الكونين بدليل بديهي يشترك في علمه الناس كلهم، وقدم السماء ليكون أصلاً في ذلك يتبع؛ لأن الأرض تبع لها في غالب الأمور، فقال دالاً على أن نسبة الوجود كله إليه على حد سواء لأنه منزه عن الاحتياج إلى مكان أو زمان عاطفاً على ما تقديره: تنزه عما نسبوه إليه الذي هو معنى {سبحان}: {وهو الذي} هو {في السماء إله} أي معبود لا يشرك به شيء {وفي الأرض إله}.

ولما كان الإله لا يصلح للألوهية إلا إذا كان يضع الأشياء في محالها بحيث لا يتطرق إليه فساد، ولا يضرها إفساد مفسد، وكان لا يكون كذلك إلا بالغ العلم قال:

{وهو الحكيم} أي البليغ الحكمة، وهي العلم الذي لأجله وجب الحكم من قوام من أمر المحكوم عليه في عاجلته وآجلته.

ولما كانت الحكمة العلم بما لأجله وجب الحكم قال تعالى: {العليم} أي البالغ في علمه إلى حد لا يدخل في عقل العقلاء أكثر من وصفه به على طريق المبالغة ولو وسعوا أفكارهم وأطالوا أنظارهم؛ لأنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا صفة من صفاته ليقاس به، وكل من ادعى فيه أنه شريك له لا يقدر من أشرك به أن يدعي له ما وصف به من الإجماع على ألوهيته ومن كمال علمه وحكمه، فثبت قطعاً ببطلان الشركة بوجه يفهمه كل أحد، فلا خلاص حينئذ إن خالف كائناً من كان، وإذا قد صح أنه الإله وحده وأنه منزه عن شريك وولد وكل شائبة نقص كان بحيث لا يخاف وعيده، فلا يخوض ولا يلعب عبيده، ومن خاض منهم أو لعب فلا يلومن إلا نفسه، فإن عمله محفوظ بعلمه فهو مجاز عليه بحكمته.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

قصد بذكر السماء والأرض الإحاطة بعوالم التدبير والخلق لأن المشركين جعلوا لله شركاء في الأرض وهم أصنامهم المنصوبة، وجعلوا له شركاء في السماء وهم الملائكة إذ جعلوهم بنات لله تعالى فكان قوله: {في السماء إله وفي الأرض إله} إبطالاً للفريقين مما زُعمت إلهيتهم...