قوله ( تعالى ){[50122]} : { وَهُوَ الذي فِي السماء إله } «في السماء » متعلق ب «إله » لأنه بمعنى معبود في السماء معبود في الأرض ، وحينئذ فيقال : ( إنَّ ){[50123]} الصلة لا تكون إلا جملة ، أو ما{[50124]} في تقديرها وهو{[50125]} الظرف وعديله{[50126]} . ولا شيء منها هُنَا .
والجواب : أن المبتدأ حذف لدلالة المعنى عليه ، ولأن المحذوف هو العائد ، تقديره : وَهُوَ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ إلهُ ، وَهُوَ فِي الأَرْضِ إلَهُ ، وإنما حذف لطول الصلة بالمعمول ، فإن الجار متعلق «بإلَهٍ » ومثله : مَا أَنَا بالَّذِي قَائِلٌ لَكَ سُوءاً{[50127]} وقال أبو حيان : وحسنه طوله بالعطف عليه كما حسن في قولهم : «قَائِلٌ لَكَ شَيْئاً » طولُه بالمعمول{[50128]} .
قال شهاب الدين : حصوله في الآية ، وفيما حكاه سواء ، فإن الصلة طالت بالمعمول في كليهما والعطف أمر زائدٌ على ذلك ، فهو زيادة في تحسين الحذف{[50129]} . ولا يجوز أن يكون الجارُّ خبراً مقدماً و«إله » مبتدأ مؤخراً ، لئلا تَعْرَى الجملةُ من رابطٍ ؛ إذ يصير نظير «جَاءَ الَّذِي فِي الدَّارِ زَيْدٌ » فإن جعلت الجار صِلةً ، وفيه ضمير عائد على الموصول وجعلت «إله » بدلاً منه ، فقال أبو البقاء : «جاء على ضعفه ؛ لأن الغرض الكلي إثبات الإلهية ، لا كونه في السموات والأرض فكان يفسد أيضاً من وجه آخر ، وهو قوله : { وَفِي الأرض إله } ؛ لأنه معطوف على ما قبله ، وإذا لم يقدر ما ذكرنا صار منقطعاً عنه ، وكان المعنى أنه في الأرض إله » .
انتهى{[50130]} .
وقال أبو علي : نظرت فيما يرتفع به «إله » فوجدت ارتفاعه يصح بأن يكون خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير هُوَ الَّذِي في السماء هُو إله{[50131]} . وقال أبو حيان : ويجوز أن تكون الصلة الجار والمجرور ، والمعنى أنه فيهما بإلهيَّته ، ورُبُوبِيَّته ؛ إذ يستحيل حمله على الاستقرار{[50132]} ، وقرأ عُمَرُ ، وعَلِيٌّ ، وعبدُ الله في جماعةٍ وهو الذي في{[50133]} السماء اللهُ ضمَّن العلم أيضاً معنى المشتق فيتعلق به الجار ومثله : هُوَ حَاتِمٌ فِي طَيّىءٍ . أي الجواد فيهم . ومثله : فرعونُ العَذَابُ{[50134]} .
قال ابن الخطيب : وهذه الآية من أدل الدلائل على أنه تعالى غير مستقر في السماء لأنه تعالى بين في هذه الآية أن نسبته بإلهية السماء كنسبته إلى الأرض ، فلما كان إلهاً للأرض مع أنه غير مستقر فيها فكذلك وجب أن يكون إلهاً للسماء مع أنه لا يكون مستقراً فيها .
فإن قيل : أيُّ تعلق لهذا الكلام ينفي الولد عن الله عزّ وجلّ ؟
فالجواب : تَعَلُّقُه به أنه تعالى خلق عيسى عليه الصلاة والسلام بمحض كُنْ فَيَكُون من غير واسطة النطفة والأب{[50135]} فكأنه قيل : إن كان هذا القدر{[50136]} لا يوجب كون عيسى ولداً للهِ عزّ وجلّ ؛ لأن هذا المعنى حاصل في تخليق السموات والأرض مع انتفاء حصول الولد به هناك . ثم قال : { وَهُوَ الحكيم العليم } الحكيم في تدبير خلقه العليم بِمَصَالِحِهِمْ . وقد تقدم في سورة الأنعام أن كونه حكيماً عليماً ينافي حصول الولد له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.