فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَآءِ إِلَٰهٞ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ} (84)

{ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ } الجار والمجرور في الموضعين متعلق بإله لأنه بمعنى معبود ، أو مستحق للعبادة والمعنى وهو الذي معبود في السماء ومعبود في الأرض ، أو مستحق للعبادة في السماء والعبادة في الأرض وبما تقرر من أن المراد بإله معبود اندفع ما قيل هذا يقتضي تعدد الآلهة لأن النكرة إذا أعيدت نكرة تعددت ؛ كقولك : أنت طالق وطالق وإيضاح الاندفاع أن الإله هنا بمعنى المعبود ؛ وهو تعالى معبود فيهما والمغابرة إنما هي بين معبوديته في السماء ومعبوديته في الأرض ، لأن المعبودية من الأمور الإضافية فيكفي التغاير فيها من أحد الطرفين ؛ فإذا كان العابد في السماء غير العابد في الأرض صدق أن معبوديته في السماء غير معبوديته في الأرض ، مع أن المعبود واحد ، وفيه دلالة على اختصاصه باستحقاق الألوهية ، فإن التقديم يدل على الاختصاص أفاده الكرخي . {[1477]}

قال أبو علي الفارسي وإله في الموضعين مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي في السماء هو إله وفي الأرض هو إله وحسن حذفه لطول الكلام قال والمعنى على الإخبار بالإلهية لا على الكون فيهما ، قال قتادة يعبد في السماء والأرض وقيل في بمعنى على أي هو القادر على السماء والأرض ، كما في قوله { وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ }

وقرأ عمر وعلي وابن مسعود : وهو الذي في السماء الله وفي الأرض الله على تضمين العلم معنى المشتق فيتعلق به الجار والمجرور من هذه الحيثية { وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ؛ أي البليغ الحكمة الكثير العلم .


[1477]:زاد المسير 233.