السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَآءِ إِلَٰهٞ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ} (84)

ثم زاد في التنزيه فقال تعالى : { وهو الذي في السماء إله } أي : معبود لا شريك له { وفي الأرض إله } تتوجه الرغبات إليه في جميع الأحوال وتخلص إليه في جميع أوقات الاضطرار ، فقد وقع الإجماع من جميع من في السماء والأرض على إلهيته فثبت استحقاقه لهذه الرتبة وثبت اختصاصه باستحقاقها في الشدائد فباقي الأوقات كذلك من غير فرق لأنه لا مشارك له في هذا الاستحقاق فعبادة غيره باطلة ، وقرأ قالون والبزي بتسهيلها مع المد والقصر ، وقرأ أبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى مع المد والقصر ، وقرأ ورش وقنبل بتسهيل الثانية وإبدالها أيضاً ألفاً وقرأ الباقون بتحقيقهما .

تنبيه : كل من الظرفين متعلق بما بعده لأن إله بمعنى معبود أي : معبود في السماء ومعبود في الأرض وحينئذ يقال : الصلة لا تكون إلا جملة أو ما في تقديرها وهو الظرف وعديله ولا شيء منهما هنا ؟ أجيب : بأن المبتدأ حذف لدلالة المعنى عليه وذلك المحذوف هو العائد تقديره وهو الذي هو في السماء إله وهو في الأرض إله ، وإنما حذف لطول الصلة بالمعمول فإن الجار متعلق بإله ومثله ما أنا بالذي قائل لك سوء { وهو الحكيم } أي : البليغ الحكمة في تدبير خلقه { العليم } أي : البالغ في علمه بمصالحهم .