المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

26 - ذلك الارتداد بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله : سنطيعكم في بعض الأمر ، والله يعلم أسرار هؤلاء المنافقين . فهذا حالهم في حياتهم ، أم حين تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم إذلالاً لهم فهذا ما لا يتصورنه ولن يقدروا على احتماله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

وقوله تعالى : { ذلك بأنهم قالوا } الآية ، قيل إنها نزلت في بني إسرائيل الذين تقدم ذكرهم في تفسير قوله : { إن الذين ارتدوا } وروي أن قوماً من قريظة والنضير كانوا يعدون المنافقين في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلاف عليه بنصر وموازرة ، وذلك قولهم { سنطيعكم في بعض الأمر } .

وقرأ جمهور القراء «أَسرارهم » بفتح الهمزة ، وذلك على جمع سر ، لأن أسرارهم كانت كثيرة . وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «إسرارهم » بكسر الهمزة ، وهي قراءة ابن وثاب وطلحة والأعمش ، وهو مصدر اسم الجنس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

استئناف بياني إذ التقدير أن يسأل سائل عن مظهر تسويل الشيطان لهم الارتدادَ بعد أن تبين لهم الهدى ، فأجيب بأن الشيطان استدرجهم إلى الضلال عندما تبين لهم الهدى فسوّل لهم أن يوافقوا أهل الشرك والكفر في بعض الأمور مسولاً أن تلك الموافقة في بعض الأمر لا تنقض اهتداءهم فلما وافقوهم وجدوا حلاوة ما ألفوه من الكفر فيما وافقوا فيه أهل الكفر فأخذوا يعودون إلى الكفر المألوف حتى ارتدوا على أدبارهم . وهذا شأن النفس في معاودة ما تحبه بعد الانقطاع عنه إن كان الانقطاع قريب العهد .

فمعنى { قالوا } : قالوا قولاً عن اعتقاد ورأي ، وإنما قالوا : { في بعض الأمر } احترازاً لأنفسهم إذا لم يطيعوا في بعض .

و { الذين كرهوا ما نزّل الله } هم الذين كرهوا القرآن وكفروا ، وهم : إما المشركون من أهل مكة قال تعالى فيهم { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم } [ محمد : 9 ] وقد كانت لهم صلة بأهل يثرب فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة اشتد تعهد أهل مكة لأصحابهم من أهل يثرب ليتطلعوا أحوال المسلمين ، ولعلهم بعد يوم بدر كانوا يكيدون للمسلمين ويتأهبون للثأر منهم الذي أنجزوه يوم أحد . وإما اليهود من قريظة والنضير فقد حكى الله عنهم في قوله : { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } [ الحشر : 11 ] .

فالمراد ب { بعض الأمر } على الوجه الأول في محمل قوله : { إن الذين ارتدوا على أدبارهم } [ محمد : 25 ] إفشاء بعض أحوال المسلمين إليهم وإشعارهم بوفرة عدد المنافقين وإن كانوا لا يقاتلون لكراهتهم القتال . والمراد ب { بعض الأمر } على الوجه الثاني بعض أمر القتال ، يعنون تلك المكيدة التي دبروها للانخزال عن جيش المسلمين .

والأمر هو : شأن الشرك وما يلائم أهله ، أي نطيعكم في بعض الكفر ولا نطيعكم في جميع الشؤون لأن ذلك يفضح نفاقهم ، أو المراد في بعض ما تأمروننا به من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق على المخلوق .

وأيًّا مَّا كان فهمُ قالوا ذلك للمشركين سرّاً فاطلع الله عليه نبيئه صلى الله عليه وسلم ولذلك قال تعالى : { والله يعلم أسرارهم } . وقرأ الجمهور { أسرارهم } بفتح الهمزة جمع سرّ . وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بكسر الهمزة مصدر أسَرَّ .