4- من ذلك القصص - أيها النبي - قصة يوسف{[99]} ، إذ قال لأبيه : يا أبت ، إني رأيت في منامي أحد عشر كوكباً ، والشمس والقمر ، رأيتهم جميعاً خاضعين لي ساجدين أمامي .
قوله تعالى : { إذ قال يوسف لأبيه } ، أي : أذكر إذ قال يوسف لأبيه ، ويوسف اسم عبري ، ولذلك لا يجري عليه الصرف وقيل هو عربي . سئل أبو الحسن الأقطع عن يوسف ؟ فقال : الأسف في اللغة : الحزن ، والأسيف : العبد ، واجتمعا في يوسف عليه السلام فسمي به .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل قال عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الصمد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " .
قوله تعالى : { يا أبت } ، قرأ أبو جعفر وابن عامر { يا أبت } بفتح التاء في جميع القرآن على تقدير : يا أبتاه . والوجه أن أصله يا أبتا بالألف . وهي بدل عن ياء الإضافة ، فحذفت الألف كما تحذف التاء . فبقيت الفتحة تدل على الألف كما تبقى الكسرة تدل على الياء عند حذف الياء ، وقرأ ألآخرون : يا أبت بكسر التاء في كل القرآن والوجه أن أصله يا أبتي . فحذف الياء تخفيفا واكتفاء بالكسرة . لأن باب النداء حذف ، يدل على ذلك قوله { يا عباد فاتقون } . وقرأ الآخرون : يا أبت بكسر التاء ، لأن أصله : يا أبت ، والجزم يحرك إلى الكسر .
قوله تعالى :{ إني رأيت أحد عشر كوكباً } ، أي نجما من نجوم السماء ، ونصب الكواكب على التفسير . { والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } ولم يقل رأيتها إلي ساجدة ، والهاء والميم والياء والنون من كنايات من يعقل ، لأنه لما أخبر عنها بفعل من يعقل عبر عنها بكناية من يعقل كقوله تعالى : { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } [ النمل-18 ] . وكان النجوم في التأويل أخواته ، وكانوا أحد عشر رجلا ، يستضاء بهم كما يستضاء بالنجوم ، والشمس أبوه ، والقمر أمه . قاله قتادة . وقال السدي : القمر خالته ، لأن أمه راحيل كانت قد ماتت . وقال ابن جريج : القمر أبوه والشمس أمه لأن الشمس مؤنثة والقمر مذكر . وكان يوسف عليه السلام ابن اثنتي عشرة سنة حين رأى هذه الرؤيا . وقيل : رآها ليلة الجمعة ليلة القدر .
{ إذ قال يوسف } بدل من { أحسن القصص } إن جعل مفعولا بدل الاشتمال ، أو منصوب بإضمار اذكر و{ يوسف } عبري ولو كان عربيا لصرف . وقرئ بفتح السين وكسرها على التلعب به لا على أنه مضارع بني للمفعول أو الفاعل من آسف لأن المشهورة شهدت بعجمته . { لأبيه } يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام وعنه عليه الصلاة السلام " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " . { يا أبت } أصله يا أبي فعوض عن الياء التأنيث لتناسبهما في الزيادة ولذلك قلبها هاء في الوقف ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وكسرها لأنها عوض حرف يناسبها ، وفتحها ابن عامر في كل القرآن لأنها حركة أصلها أو لأنه كان يا أبتا فحذف الألف وبقي الفتحة ، وإنما جاز " يا أبتا " ولم يجز يا أبتي لأنه جمع بين العوض والمعوض . وقرئ بالضم إجراء لها مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء من غير اعتبار التعويض ، وإنما لم تسكن كأصلها لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب تحريكها ككاف الخطاب . { إني رأيت } من الرؤيا لا من الرؤية لقوله : { لا تقصص رؤياك } ولقوله : { هذا تأويل رؤياي من قبل } { أحد عشر كوكبا والشمس والقمر } . روي عن جابر رضي الله تعالى عنه ( أن يهوديا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسف ، فسكت فنزل جبريل عليه السلام فأخبره بذلك فقال إذا أخبرتك هل تسلم قال نعم ، قال جريان والطارق والذيال وقابس وعمودان والفيلق والمصبح والضروح والفرغ ووثاب وذو الكتفين رآها يوسف والشمس والقمر نزلن من السماء وسجدن له فقال اليهودي إي والله إنها لأسماؤها ) { رأيتهم لي ساجدين } استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها فلا تكرير وإنما أجريت مجرى العقلاء لوصفها بصفاتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.