وقوله تعالى : { إذ قال يوسف لأبيه } بدل من { أحسن القصص } أو منصوب بإضمار اذكر ، ويوسف اسم عبري ، وقيل : عربي ، وردّ بأنه لو كان عربياً لصرف ، وسئل أبو الحسن الأقطع عن يوسف فقال : الأسف في اللغة الحزن ، والأسيف العبد ، واجتمعا في يوسف فسمي به ، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم » وقوله { يا أبت } أصله يا أبي فعوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما في الزيادة ، ولذلك قلبها ابن كثير وابن عامر هاء في الوقف ، ووقف الباقون بالتاء كالرسم ، وفي الوصل بالتاء للجميع ، وفتح التاء في الوصل ابن عامر ، وكسرها الباقون { إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر } قال أهل التفسير : رأى يوسف عليه الصلاة والسلام في منامه ، وكان ابن اثنتي عشرة ، سنة ، وقيل : سبع عشرة ، وقيل : سبع سنين ليلة الجمعة ، وكانت ليلة القدر كأنّ أحد عشر كوكباً نزلت من السماء ومعها الشمس والقمر ، فسجدوا له وفسروا الكواكب بإخوته ، وكانوا أحد عشر يستضاء بهم كما يستضاء بالنجوم ، والشمس والقمر بأبيه وأمّه بجعل الشمس للأمّ ؛ لأنها مؤنثة والقمر للأب ؛ لأنه مذكر . والذي رواه البيضاوي تبعاً «للكشاف » عن جابر من أنّ يهودياً قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم أخبرني عن النجوم التي رآهن يوسف فأخبره بأسمائها فقال اليهودي : ، أي : والله إنها لأسماؤها . قال ابن الجوزي : إنه موضوع ، وقوله : { رأيتهم لي ساجدين } استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها فلا تكرار ؛ لأنّ الرؤية الأولى تدل على أنه شاهد الكواكب والشمس والقمر والثانية تدل على أنه شاهد كونها ساجدة له .
وقال بعضهم : إنه لما قال : إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر قيل له : كيف رأيت ؟ قال : رأيتهم لي ساجدين . وقال آخرون : يجوز أن يكون أحدهما من الرؤية والآخر من الرؤيا ، وهذا القائل لم يبين أنّ أيهما يحمل على الرؤية وأيهما يحمل على الرؤيا ؟ قال الرازي : فذكر قولاً مجملاً غير مبين . فإن قيل : قوله : { رأيتهم } وقوله : { ساجدين } لا يليق إلا بالعقلاء والكواكب جمادات فكيف جاءت اللفظة المخصوصة بالعقلاء في حق الجمادات ؟ أجيب : بأنها لما وصفت بالسجود صارت كأنها تعقل وأخبر عنها كما أخبر عمن يعقل كما قال تعالى في صفة الأصنام : { وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون } [ الأعراف ، 198 ] وكما في قوله تعالى : { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } [ النمل ، 18 ] . فإن قيل : لم أفرد الشمس والقمر بالذكر مع أنهما من جملة الكواكب ؟ أجيب : بأنه أفردهما لفضلهما وشرفهما على سائر الكواكب كقوله تعالى : { وملائكته ورسله وجبريل وميكال } [ البقرة ، 98 ] وهل المراد بالسجود نفس السجود حقيقة أو التواضع ؟ كلاهما محتمل ، والأصل في الكلام حمله على الحقيقة قال أهل التفسير : إن يعقوب عليه السلام كان شديد الحب ليوسف عليه السلام فحسده إخوته لهذا السبب ، وظهر وذلك ليعقوب فلما رأى يوسف هذه الرؤيا ، وكان تأويلها أن أبويه وإخوته يخضعون له ، وخاف عليه حسدهم وبغيهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.