الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ} (4)

ثم قال تعالى : { إذ قال يوسف لأبيه يا أبت{[33561]} }{[33562]}[ 4 ] ، العامل في ( إذ ) الغافلين{[33563]} .

وقرأ طلحة بن مصرف{[33564]} { يوسف } بالهمزة وكسر السين{[33565]} .

وحكى ابن زيد : يؤسف بالهمزة ، وفتح السين{[33566]} . والوقف عند سيبويه وأصحابه على ( يا أبه{[33567]} ) بالهاء ، لأن الهاء بدل من الياء التي للإضافة{[33568]} . ومذهب القراء : الوقف بالتاء ، لأن الياء عنده في النية{[33569]} .

ومن فتح التاء{[33570]} ، فلأنها ( أ{[33571]} ) شبهت بالهاء التي هي علامة التأنيث ، كما قال الشاعر : كليني لهم يا أميمة ناصب{[33572]} *** . . .

وهذا مذهب سيبويه{[33573]} .

وقال قطرب{[33574]} : وهو أحد قولي الفراء ، لأن الأصل : يا أبتا( ه ){[33575]} ، ثم حذفت{[33576]} الألف{[33577]} . ويكون الوقف على قول{[33578]} سيبويه بالهاء ، وهو قول الفراء الآخر{[33579]} .

والندبة في هذا لا يجوز ، إذ ليس هو من مواضعها{[33580]} . والعلة التي من أجلها دخلت{[33581]} الهاء{[33582]} في هذا أن قولك : ( أبوان ) : تثنية الأب{[33583]} . واللام يوجب{[33584]} أن يكون يستعمل ( أب أبت ){[33585]} كما{[33586]} أن قولك : ( والدان ) للأب{[33587]} والأم يوجب{[33588]} : ( والد{[33589]} ، ووالدة ) . فلما لم يستعمل ( أبه ){[33590]} استغنى{[33591]} باللام – استعمل ذلك في النداء في ( الأب ) ، وأجروه مجرى ما وصف فيه المذكر مما فيه الهاء نحو : علامة ونسابة{[33592]} .

وقال الفراء : إنما هي الهاء التي تزاد في الوقت ، أكثر بها الكلام فنبهت بهاء التأنيث{[33593]} .

قرأ الحسن ، أبو جعفر ( أحد عشر ) بإسكان العين لكثرة الحركات{[33594]} .

وقال : رأيتهم لأنه أخبر عنها بالسجود ، وهو فعل من يعقل{[33595]} ، ومثله ، { ادخلوا مساكنكم }{[33596]} و{ فاسألوهم إن كانوا ينطقون }{[33597]} .

وقيل : لما كان تفسير ذلك واقعا على إخوة يوسف ، وأبيه ، وخالته{[33598]} ، أخبر عنهم ، بالهاء والميم . وذلك حقهم في الحكاية ، والأخبار عنهم .

قال ابن عباس : كانت الرؤيا فيهم وحيا . والأحد عشر هم : {[33599]} أخوة يوسف ، والشمس أمه ، والقمر أبوه . هذا قول ابن عباس ، وغيره{[33600]} .

ويروي أن رؤيا يوسف كانت ليلة الجمعة ، وكانت ليلة القدر{[33601]} ، فأشفق يعقوب{[33602]} أن يحسده إخوته على ذلك . فنهاه أن يقصها عليهم .

وقال قتادة : وغيره : الشمس خالته ، والقمر أبوه{[33603]} . وظهرت رؤيا يوسف عليه السلام ، بعد رؤيتها بأربعين سنة .

وقد روي أن يعقوب عليه السلام{[33604]} ، فسر الرؤيا : تأول الأحد عشر كوكبا : أحد{[33605]} عشر نفسا ، لهم فضل يستضاء{[33606]} بهم ، وهم إخوة يوسف{[33607]} ، وتأول الشمس ، والقمر : أبويه ، فتأول أن يوسف{[33608]} يكون نبيا ، وأن إخوته{[33609]} يكونون أنبياء ، لأن الله عز وجل{[33610]} ، أعلمهم أنه يتم نعمته عليه{[33611]} ، وعلى أبويه{[33612]} .


[33561]:ساقط من ق.
[33562]:ق: إذا أنزل.
[33563]:ذهب ابن عطية في المحرر 9/247: إلى أن ما حكاه مكي من أن العامل في (إذ) لمن الغافلين ضعيف، والصواب: أنه فعل مضمر تقديره: أذكر إذ.
[33564]:هو ابن كعب بن عمرو الكوفي، كان يدعى سيد القراء، وهو – علاوة على ذلك – عالم، محدث، أخذ القراءة عن النخعي، وابن وثاب، وحدث عنه ابن أبي ليلى، وابن حمزة (ت112 هـ) انظر: الحلية 5/14، والغاية 1/343.
[33565]:انظر: هذه القراءة الشاذة في إعراب النحاس 2/310، والمحرر 9/248، وعزاها أيضا في شواذ القرآن 66 إلى: طلحة الحضرمي، وابن وثاب، وانظر: إعراب مكي 1/418.
[33566]:انظر: هذه القراءة الشاذة في: إعراب النحاس 2/310، ونسبها في شواذ القرآن 66 إلى الفراء، ولم أقف عليها، وانظر: إعراب مكي 1/418.
[33567]:في النسختين معا: يأبه وهو مشكل.
[33568]:انظر هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/310.
[33569]:انظر: معاني الفراء 2/32، وإعراب النحاس 2/311.
[33570]:وهي قراءة ابن عامر، وأبي جعفر، انظر: السبعة 344، والمبسوط 244، والحجة 353، وإعراب مكي 1/419، والكشف 2/3، وزاد ابن عطية والقرطبي نسبتها إلى الأعرج، انظر: المحرر 9/248، والجامع 9/81.
[33571]:ساقط من ق.
[33572]:البيت مطلع قصيدة للشاعر الجاهلي النابغة الذبياني، وعجزه: وليل أقاسيه بطيء الكواكب، انظر: ديوان النابغة، والكتاب: 2/207 و3/382، وخزانة الأدب 1/370، ومعاني الفراء 2/32.
[33573]:انظر: الكتاب 2/207 و 2/382، وإعراب النحاس 1/311.
[33574]:ط: مطرف وقطرب هو: أبو علي، محمد بن المستنير، إمام في اللغة، والنحو، والأدب، وعقيدته مذهب النظام في الاعتزال (ت206 هـ) انظر: إنباه الرواه 3/219، وفيات الأعيان 4/312، وبغية الوعاة 1/242.
[33575]:ساقط من ق.
[33576]:ط: حذف.
[33577]:انظر: معاني الفراء 2/32، وإعراب النحاس 2/311.
[33578]:ساقط من ق.
[33579]:انظر: معاني الفراء 32، وإعراب النحاس 2/311.
[33580]:انظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/90، وإعراب النحاس 2/311.
[33581]:ساقط من ق.
[33582]:ق: إليها.
[33583]:ق: الألف.
[33584]:ق: توجب.
[33585]:ساقط من ط.
[33586]:ط: مطموس.
[33587]:ق: ولدان الأب.
[33588]:ق: توجب.
[33589]:ق: ووالد.
[33590]:ق: إيه. ط: وآية الصواب ما أثبت.
[33591]:ساقط من ط.
[33592]:ط: قسابة، ق: سيافة، وكلاهما خطأ والصواب ما أثبت لموافقته السياق، أما سيافة فجميع سياف، انظر: اللسان: سيف.
[33593]:ط: والثانية وانظر: معاني الفراء 2/32.
[33594]:انظر هذا القراءة الشاذة في: معاني الفراء 2/34، ومعاني الزجاج 3/90، وفيه: أنها غير منكرة، وانظر: إعراب النحاس 2/312، وزاد نسبتها في شواذ القرآن 66/67 إلى عباس، عن أبي عمرو.
[33595]:ط: مطموس.
[33596]:النمل: 18.
[33597]:الأنبياء: 63 وانظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 2/35.
[33598]:ق: وحالته. انظر هذا القول في: جامع البيان 15/354.
[33599]:قال ذلك ابن زيد، والضحاك، وسفيان، وابن جريج، وقتادة، انظر: هذه الأقوال في: جامع البيان 15/556-557، وزاد نسبته في الجامع 9/81 إلى ابن عباس.
[33600]:ط: صم.
[33601]:انظر: المحرر 9/249، وهو خبر مبهم.
[33602]:انظر المصدر السابق.
[33603]:انظر هذا القول في: الجامع 9/81.
[33604]:ط: صم.
[33605]:ط: لاحدى.
[33606]:ق: يستظأ.
[33607]:ط: صم.
[33608]:ط: صم.
[33609]:ط: عليهم السلام.
[33610]:ساقط من ق.
[33611]:ق: عليه نعمته.
[33612]:انظر هذا الخبر في: معاني الزجاج 3/92.