مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ} (4)

{ إِذْ قَالَ } بدل اشتمال من { أحسن القصص } لأن الوقت مشتمل على القصص أو التقدير : أذكر إذ قال { يُوسُفَ } اسم عبراني لا عربي إذ لو كان عربياً لانصرف لخلوه عن سبب آخر سوى التعريف { لأَبِيهِ } يعقوب { يَاأبَتِي } { أبتَ } شامي وهي تاء تأنيث عوضت عن ياء الإضافة لتناسبهما ، لأن كل واحدة منهما زائدة في آخر الاسم ولهذا قلبت هاء في الوقف . وجاز إلحاق تاء التأنيث بالمذكر كما في رجل ربعة ، وكسرت التاء لتدل على الياء المحذوفة . ومن فتح التاء فقد حذف الألف من «يا أبتا » واستبقى الفتحة قبلها كما فعل من حذف الياء في «يا غلام » { إِنّى رَأَيْتُ } من الرؤيا لا من الرؤية { أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا } أسماؤها ببيان النبي عليه السلام : جريان والذيال والطارق وقابس وعمودان والفليق والمصبح والصروح والفرغ ووثاب وذو الكتفين { والشمس والقمر } هما أبواه أو أبوه وخالته والكواكب إخوته . قيل : الواو بمعنى «مع » أي رأيت الكواكب مع الشمس والقمر . وأجريت مجرى العقلاء في { رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } لأنه وصفها بما هو المختص بالعقلاء وهو السجود وكررت الرؤيا لأن الأولى تتعلق بالذات والثانية بالحال ، أو الثانية كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جواباً له كأن أباه قال له : كيف رأيتها ؟ فقال : رأيتهم لي ساجدين أي متواضعين وهو حال ، وكان ابن ثنتي عشرة سنة يومئذ وكان بين رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه أربعون سنة أو ثمانون .