المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

45- لقد نصبنا من الدلائل على التوحيد ما يهدى ذوى الألباب ، انظر إلي الظل فقد بسطه الله وجعله ساكناً أول النهار ، ثم سلطنا الشمس تزيل منه بما يحل محله من أشعتها ، فكانت الشمس دالة عليه ولولاها ما عرف الظل ، ولو شاء الله لجعل الظل ساكناً مطبقاً على الناس فتفوت مصالحهم ومرافقهم{[157]} .


[157]:{ألم تر إلي ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا}: هذه الآية تظهر عناية الخالق وقدرته. فمد الظل يدل على دوران الأرض وعلى ميل محور دورانها، ولو أن الأرض سكنت بحيث أنها ظلت غير متحركة حول الشمس، وكذلك انعدم دورانها حول محورها لسكن الظل ولظلت أشعة الشمس مسلطة على نصف الأرض، بينما يظل النصف الآخر ليلا مما يحدث اختلاف التوازن الحراري، ويؤدي إلي انعدام الحياة على الأرض، وكذلك إذا كان هو حال الأرض فإن الظل يظل ساكنا. وهذا أيضا يحدث إذا كانت فترة دوران الأرض حول محورها هي نفسها فترة دورانها من حول الشمس، أي أن اليوم يصبح سنة كاملة، ولكن لا يمكن أن يفعل ذلك غير الله، هذا فضلا عن أن الظل ذاته نعمة من نعم الله. ولو أن الله خلق الأشياء كلها شفافة لما وجد الظل ولانعدمت فرص الحياة أمام الكائنات التي تحتاج إليه.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

قوله تعالى :{ ألم تر إلى ربك كيف مد الظل } معناه ألم تر إلى مد ربك الظل ، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، جعله ممدوداً لأنه ظل لا شمس معه ، كما قال :في ظل الجنة ، { وظل ممدود } لم يكن معه شمس { ولو شاء لجعله ساكناً } دائماً ثابتاً لا يزول ولا تذهبه الشمس . قال أبو عبيدة : الظل : ما نسخته الشمس ، وهو بالغداة ، والفيء : ما نسخ الشمس ، وهو بعد الزوال ، سمي فيئاً لأنه فاء من جانب المشرق إلى جانب المغرب ، { ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً } أي : على الظل . ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرف الظل ، ولولا النور لما عرفت الظلمة ، والأشياء تعرف بأضدادها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

{ ألم تر إلى ربك } ألم تنظر إلى صنعه . { كيف مد الظل } كيف بسطه أو ألم تنظر إلى الظل كيف مده ربك ، فغير النظم إشعارا بأنه المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه وهو دلالة حدوثه وتصرفه على الوجه النافع بأسباب ممكنة على أن ذلك فعل الصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس منه ، أو ألم ينته علمك إلى أن ربك كيف مد الظل وهو فيما بين طلوع الفجر والشمس وهو أطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس : يسخن الجو ويبهر البصر ، ولذلك وصف به الجنة فقال { وظل ممدود } . { ولو شاء لجعله ساكنا } ثابتا من السكنى أو غير متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد . { ثم جعلنا الشمس عليه دليلا } فإنه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الأجرام ، أو لا يوجد ولا يتفاوت إلا بسبب حركتها .