المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

4- فمَن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، فمَن لم يستطع ذلك الصوم فعليه إطعام ستين مسْكيناً ، شرع الله ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعملوا بمقتضى هذا الإيمان ، وتلك حدود الله فلا تتجاوزوها ، وللكافرين عذاب شديد الألم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

قوله تعالى : { فمن لم يجد } يعني الرقبة ، { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } فإن كانت له رقبة إلا أنه محتاج إلى خدمته ، أو له ثمن رقبة لكنه محتاج إليه لنفقته ونفقة عياله فله أن ينتقل إلى الصوم ، وقال مالك والأوزاعي : يلزمه الإعتاق إذا كان واجداً للرقبة أو ثمنها وإن كان محتاجاً إليه . وقال أبو حنيفة : إن كان واجداً لعين الرقبة يجب عليه إعتاقها ، وإن كان محتاجاً إليها ، فأما إذا كان واجداً لثمن الرقبة وهو محتاج إليه فله أن يصوم ، فلو شرع المظاهر في صوم شهرين ثم جامع في خلال الشهر بالليل يعصي الله تعالى بتقديم الجماع على الكفارة ، ولكن لا يجب عليه استئناف الشهرين ، وعند أبي حنيفة يجب عليه استئناف الشهرين . قوله عز وجل : { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } يعني المظاهر إذا لم يستطع الصوم لمرض أو كبر أو فرط شهوة لا يصبر عن الجماع يجب عليه إطعام ستين مسكيناً .

أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن الفضل الخرقي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشمهيني حدثنا علي بن حجر ، أنبأنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء بن يسار " أن خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت ، فظاهر منها وكان به لمم ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أوساً ظاهر مني ، وذكرت أن به لمماً فقالت : والذي بعثك بالحق ما جئتك إلا رحمة إن له في منافع ، فأنزل الله القرآن فيهما . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مريه فليعتق رقبة ، قالت : والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ولا ثمنها ، قال : مريه فليصم شهرين متتابعين ، فقالت : والذي بعثك بالحق لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع ، قال : مريه فليطعم ستين مسكيناً ، قالت : والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه ، قال : مريه فليذهب إلى فلان بن فلان فقد أخبرني أن عنده شطر تمر صدقةً ، فليأخذه صدقة عليه ثم ليتصدق به على ستين مسكينا " . وروى سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال : " كنت امرأ أصيب من النساء ما لم يصب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئاً فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان ، فبينما هي تحدثني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن وقعت عليها ، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : أنت بذاك ، فقلت : أنا بذاك -قاله ثلاثاً- قلت : أنا بذاك وها أنا ذا فأمض في حكم الله ، فإني صابر لذلك ، قال : فاعتق رقبة . فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت : لا والذي بعثك بالحق ما أملك غيرها ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقلت : يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا من الصيام ؟ قال : فأطعم ستين مسكيناً ، قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشيا ، ما لنا عشيا ، قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك ، فأطعم عنك منها وسقاً ستين مسكيناً ، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك . قال : فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة ، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي ، قال : فدفعوها إليه " . { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } لتصدقوا ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل ، { وتلك حدود الله } يعني ما وصف من الكفارات في الظهار ، { وللكافرين عذاب أليم } قال ابن عباس : لمن جحده وكذب به .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

وقوله :{ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } وقد تقدمت الأحاديث الواردة{[28390]} بهذا على الترتيب ، كما ثبت في الصحيحين في قصة الذي جامع امرأته في رمضان .

{ ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي : شرعنا هذا لهذا .

وقوله :{ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } أي : محارمه فلا تنتهكوها .

وقوله :{ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة ، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء ، كلا ليس الأمر كما زعموا ، بل لهم عذاب أليم ، أي : في الدنيا والآخرة .


[28390]:- (1) في م: "الآمرة".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

فمن لم يجد أي الرقبة والذي غاب ماله واجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، فإن أفطر بغير عذر لزمه الاستئناف وإن أفطر لعذر ففيه خلاف وإن جامع المظاهر عنها ليلا لم ينقطع التتابع عندنا خلافا لأبي حنيفة ومالك رضي الله تعالى عنهما ، فمن لم يستطع أي الصوم لهرم أو مرض مزمن أو شبق مفرط فإنه صلى الله عليه وسلم رخص للأعرابي المفطر أن يعدل لأجله فإطعام ستين مسكينا ستين مدا بمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رطل وثلث لأنه أقل ما قيل في الكفارات ، وجنسه المخرج في الفطرة وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه يعطي كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من غيره وإنما لم يذكر التماس مع الطعام اكتفاء بذكره مع الآخرين أو لجوازه في خلال الإطعام كما قال أبو حنيفه رضي الله تعالى عنه ذلك أي ذلك البيان أو التعليم للأحكام ومحله النصب بفعل معلل بقوله { لتؤمنوا بالله ورسوله } أي فرض ذلك لتصدقوا بالله ورسوله في قبول شرائعه ورفض ما كنتم عليه في جاهليتكم { وتلك حدود الله } لا يجوز تعديها { وللكافرين } أي الذين لا يقبلونها { عذاب إليم } هو نظير قوله تعالى { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } .