" عن ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها من قبل أن أكفّر ، فقال : وما حملك على ذلك ؟ قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر ، قال : فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله " ثم ذكر سبحانه حكم العاجز عن الكفارة فقال :
{ فمن لم يجد } لرقبة في ملكة ، ولا تمكن من قيمتها { فصيام } أي فعليه صيام { شهرين متتابعين } متواليين لا يفطر فيهما ، فإن أفطر استأنف إن كان الإفطار لغير عذر ، وإن كان لعذر من مرض أو سفر فقال سعيد بن المسيب والحسن وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والشعبي والشافعي ومالك : إنه يبني ولا يستأنف ، وقال أبو حنيفة : إنه يستأنف ، وهو مروي عن الشافعي ومعنى { من قبل أن يتماسا } ما تقدم قريبا فلو وطئ ليلا أو نهارا عمدا أو خطأ استأنف ، وبه قال أبو حنيفة ومالك ، وقال الشافعي : لا يستأنف إذا وطئ ليلا ، لأنه ليس محلا للصوم والأول أولى .
{ فمن لم يستطع } صيام شهرين متتابعين { فإطعام ستين مسكينا } أي فعليه أن يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدان ، وهما نصف صاع ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، وقال الشافعي وغيره لكل مسكين مد واحد من غالب قوت البلد ، والظاهر من الآية أن يطعمهم حتى يشبعوا مرة واحد أو يدفع إليهم ما يشبعهم ولا يلزمه أن يجمعهم مرة واحدة بل يجوز له أن يطعم بعض الستين في يوم ، وبعضهم في يوم آخر عن أبي هريرة ثلاث فيه مد ، كفارة اليمين ، وكفارة الظهار ، وكفارة الصيام .
{ ذلك } أي ما تقدم من البيان وتعليم الأحكام والتنبيه عليها واقع أو فعلنا ذلك { لتؤمنوا بالله ورسوله } وتعملوا بشرائعه التي شرعها لكم وتصدقوا أن الله أمر بها ، أو لتطيعوا الله ورسوله في الأوامر والنواهي ، وتقفوا عند حدود الشرع ولا تتعدوها ، ولا تعودوا إلى الظهار الذي هو منكر من القول وزور ، أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم وصححه غيرهم " عن سلمة بن صخر الأنصاري فقال :
كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان ، فرقا من أن أصيب منها في ليلي ، فأتتابع في ذلك ، وألا أستطيع أن أنزع حتى يدركني الصبح ، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء فوثبت عليها ، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري ، فقلت : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بأمري فقالوا : لا والله ، لا تفعل نتخوف أن ينزل فينا القرآن ، أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مقالة يبقى عليها عارها ، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك ، قال : فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته خبري ، فقال أنت بذاك ، قلت : أنا بذاك . قال : أنت بذاك ، قلت : أنا بذاك . قال أنت بذاك ، قلت : أنا بذاك ، وها أنا ذا فامض في حكم الله ، فإني صابر لذلك ، قال : أعتق رقبة ، فضربت عنقي بيدي فقلت : لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقلت : هل أصابني ما أصابني إلا في الصيام قال : فأطعم ستين مسكينا ، قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشا ما لنا عشاء ، قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق ، فقل له فليدفعها إليك ، فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ، ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك ، فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، السعة والبركة أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليّ فدفعوها إليه " .
{ وتلك } أي الأحكام المذكورة في الظهار والكفارة { حدود الله } فلا تجاوزوا حدوده التي حدها لكم ، فإنه قد بين لكم أن الظهار معصية ، وأن كفارته المذكورة توجب العفو والمغفرة { وللكافرين } الذين لا يقفون عند حدود الله ، ولا يعلمون بما حده الله لعباده ، وسماه كفرا تغليظا وتشديدا { عذاب أليم } وهو عذاب جهنم يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.