وقوله : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } {[67574]} [ 4 ] أي : فمن لم يجد ما يشتري به رقبة ، فعليه صيام شهرين متتابعين لا يفصل بينهما ولا بين شيء من أيامهما بإفطار وهو متعمد ، فإن أفطر لعذر بنى {[67575]} على ما صام ولا شيء عليه ، فإن أفطر لغير عذر ابتدأ الصيام ، فإن أفطر لسفر أحدثه ابتدأ الصوم ، فإن ابتدأ الصوم فأيسر أتم صومه ، ولا يرجع إلى العتق عند مالك ، وإن {[67576]} ابتدأ الصيام أو ابتدأ الإطعام إن لم يقدر على الصيام ثم جامع قبل إكمال الصيام أو الإطعام ، ابتدأ الصيام والإطعام ، كأن جماعه ناسيا أو عامدا ، ويجزيه {[67577]} الصيام بالأهلة وإن كان الشهران ثمانية وخمسين أو ستا {[67578]} وخمسين يوما ، فإن ابتدأ الصوم في غير أول الشهر صام ثلاثين يوما ، وشهرا على الهلال ، وقيل يصوم ستين يوما ، وإذا ظاهر وله دار وخادم لزمه العتق عند مالك {[67579]} . وقوله : { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } أي : فمن لم يستطع الصوم فعليه
أن يطعم ستين مسكينا مدا من [ حنطة ] {[67580]} بمد هشام ، هذا قول مالك وهو مد وثلثان بمد النبي صلى الله عليه وسلم {[67581]} .
وروى ابن وهب عن مالك أنه يعطي لكل مسكين مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم {[67582]} فإن أعطى مدا بمد هشام أجزأه إذا أعطاهم في جميع الكفارات مما هو أكثر عيش ذلك البلد {[67583]} أجزاه ، ولا يجزي في ذلك عرض ولا دارهم ولا دقيق ولا سويق {[67584]} .
قال ابن {[67585]} القاسم فأن أطعم لكفارته {[67586]} ثلاثين مسكينا من حنطه ثم طاق العسر {[67587]} حتى صار عيشهم الثمر أو الشعير {[67588]} ، فلا بأس أن يعطي تمام الستين ثمرا أو شعيرا . وقد قال الأوزاعي {[67589]} إن أعطى في الكفارة ثمنها أجزأه ، وكذلك قال أصحاب الرأي ، ولا يجوز أن يعطي الثلاثين مثل ما يعطي لستين فيكون عليهم العطاء ، ولابد من العدد ، وإذا ظاهر فمات أو ماتت ولم يكفر ورثها وورثته .
والظهار عند مالك على كل حر وعبد من المسلمين في كل زوجة حرة كانت أو أمة أو كتابية ، إلا أنه إذا ظاهر من امرأته وهي أمة ثم اشتراها فالظهار لازم {[67590]} . ويلزم السكران ظهاره كما يلزمه الطلاق ، ولا يلزم المكره الظهار {[67591]} . وفي الظهار من الأمة ، الكفارة تامة عند مالك ، ويلزم العبد في الظهار صيام شهرين كالحر {[67592]} ولا يعتق إلا بإذن مولاه . وإذا ظاهر الرجل من امرأته مرارا لم تلزمه إلا كفارة واحدة ، ( وأما المظاهر ) {[67593]} من امرأتيه أو ثلاث أو أربع في ظهار واحد لم تلزمه إلا كفارة واحدة . وكل من ظاهر من امرأته بامرأة مسن ذوات المحارم من النسب أو الرضاع لزمه ، كقوله : أنت علي كظهر أختي ( أو كظهر ابنة ابنتي ) {[67594]} أو كظهر أختي من الرضاع ، وكذلك عند مالك إذا قال لها أنت علي كظهر/ أبي : يلزمه الظهار {[67595]} . وكذلك يلزمه الظهار لو قال لامرأته : أنت علي ( كظهر أخي وكقدم أخي ) {[67596]} ونحوه من العورات ، وإنما خص هذا اللفظ في اليمين بالظهر دون البطن ، لأن الظهر موضع الركوب من البهائم ، والمرأة مركوبة ، إذا غشيت ، فكأنه إذا قال أنت علي كظهر أمي ، قال : ركوبك للنكاح حرام علي كركوب أبي للنكاح/ ، فأقام الظهر مقام الركوب ، من غير بني آدم إنما يركب على ظهر ، فهو استعارة لطيفة {[67597]} {[67598]} . ثم قال { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } أي : ألزمت من ظاهر ذلك من الكفارات كي تقروا {[67599]} بتوحيد الله وبرسوله إذا عملتم بما أمرتم به . وقال الزجاج معناه : ذلك التغليظ عليكم لتؤمنوا بالله ورسوله {[67600]} . ثم قال { وتلك حدود الله } أي : فرائضه التي حدها لكم {[67601]} .
{ وللكافرين عذاب أليم } أي : ولمن كفر بحدود الله في الآخرة عذاب مؤلم ؛ أي : موجع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.