{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } أي : إذا دعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه وتَرْك ما حرمه ، قالوا : يكفينا ما وجدنا عليه الآباءَ والأجداد من الطرائق والمسالك ، قال الله تعالى { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا } أي : لا يفهمون حقًا ، ولا يعرفونه ، ولا يهتدون إليه ، فكيف يتبعونهم والحالة هذه ؟ لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم ، وأضل سبيلا .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىَ مَآ أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } . .
يقول تعالىّ ذكره : وإذا قيل لهؤلاء الذين يبحرون البحائر ويسيبون السوائب الذين لا يعقلون أنهم بإضافتهم تحريم ذلك إلى الله تعالى يفترون على الله الكذب : تعالوا إلى تنزيل الله وآي كتابه وإلى رسوله ، ليتبين لكم كذب قيلكم فيم تضيفونه إلى الله تعالى من تحريمكم ما تحرّمون من هذه الأشياء ، أجابوا من دعاهم إلى ذلك ، بأن يقولوا : حسبنا ما وجدنا عليه من قبلنا آباءنا يعملون به ، ويقولون : نحن لهم تبع وهم لنا أئمة وقادة ، وقد اكتفينا بما أخذنا عنهم ورضينا بما كانوا عليه من تحريم وتحليل . قال الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولو كان آباء هؤلاء القائلين هذه المقالة لا يعلمون شيئا ، يقول : لم يكونوا يعلمون أن ما يضيفونه إلى الله تعالى من تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام كذب وفرية على الله ، لا حقيقة لذلك ولا صحة لأنهم كانوا أتباع المفترين ابتدأوا تحريم ذلك افتراء على الله بقيلهم ما كانوا يقولون من إضافتهم إلى الله تعالى ما يضيفون ما كانوا فيما هم به عاملون من ذلك على استقامة وصواب ، بل كانوا على ضلالة وخطأ .
{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } بيان لقصور عقولهم وانهماكهم في التقليد وأن لا سند لهم سواه . { أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون } الواو للحال والهمزة دخلت عليها لإنكار الفعل على هذه الحال ، أي أحسبهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا جهلة ضالين ، والمعنى أن الاقتداء إنما يصح بمن علم أنه عالم مهتد وذلك لا يعرف إلا بالحجة فلا يكفي التقليد .
والضمير في قوله { قيل لهم } عائد على الكفار المستنين بهذه الأشياء و { تعالوا } نداء بين ، هذا أصله ، ثم استعمل حيث الِبر وحيث ضده ، و { إلى ما أنزل الله } يعني القرآن الذي فيه التحريم الصحيح و { حسبنا } معناه كفانا وقوله { أوَلوْ كان آباؤهم } ألف التوقيف دخلت على واو العطف كأنهم عطفوا بهذه الجملة على الأولى والتزموا شنيع القول فإنما التوقيف توبيخ لهم ، كأنهم يقولون بعده نعم ولو كانوا كذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.