قوله تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر } ، يعني القرآن ، { وإنا له لحافظون } ، أي : تحفظ القرآن من الشياطين أن يزيدوا فيه ، أو ينقصوا منه ، أو يبدلوا ، قال الله تعالى : { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } [ فصلت-42 ] والباطل : هو إبليس ، لا يقدر أن يزيد فيه ما ليس منه ولا أن ينقص منه ما هو منه . وقيل الهاء في له راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم أي : إنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء كما قال جل ذكره : { والله يعصمك من الناس } [ المائدة-67 ] .
ثم قرر تعالى أنه هو الذي أنزل الذكر ، وهو القرآن ، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل .
ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى : { لَهُ لَحَافِظُونَ } على النبي صلى الله عليه وسلم ، كقوله : { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [ المائدة : 67 ] والمعنى الأول أولى ، وهو ظاهر السياق ، [ والله أعلم ]{[16094]}
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ } .
يقول تعالى ذكره : إنّا نَحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وهو القرآن ، وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ قال : وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل مّا ليس منه ، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه . والهاء في قوله : «لَهُ » من ذكر الذكر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني الحسن ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ قال : عندنا .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّا نَحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ قال في آية أخرى : لا يَأْتِيهِ الباطِلُ والباطل : إبليس ، مِنْ بينِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ فأنزله الله ثم حفظه ، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلاً ولا ينتقص منه حقّا ، حفظه الله من ذلك .
حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ قال : حفظه الله من أن يزيد فيه الشيطان باطلاً أو ينقص منه حقّا .
وقيل : الهاء في قوله : وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم بمعنى : وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه .
{ إنا نحن نزّلنا الذكر } رد لإنكارهم واستهزائهم ولذلك أكده من وجوه وقرره بقوله : { وإنا له الحافظون } أي من التحريف والزيادة والنقص بأن جعلناه معجزا مباينا لكلام البشر ، بحيث لا يخفى تغيير نظمه على أهل اللسان ، أو نفي تطرق الخلل إليه في الدوام بضمان الحفظ له كما نفى أن يطعن فيه بأن المنزل له . وقيل الضمير في { له } للنبي صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.