قوله : " نَحْنُ " إما مبتدأ ، وإما تأكيدٌ ، ولا يكون فصلاً ؛ لأنه لم يقع بين اسمين ، والضمير " لَهُ " للذكر ، وهو الظاهرُ ، وقيل : للرسول -صلوات الله وسلامه عليه- قاله الفراء ، وقوَّاه ابن الأنباري ، قال : لما ذكر الله الإنزال ، والمنزل ، دلَّ ذلك على المنزل عليه ، فحسنت الكناية عنه ؛ لكونه أمراً معلوماً ، كما في قوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر } [ القدر : 1 ] فإنَّ هذه الكناية عائد على القرآن ، مع أنه لم يتقدم ذكره ؛ وإنما حسنت الكناية لسبب معلوم ، فكذا هاهنا ، والأول أوضحُ " .
فإذا قلنا : الكناية عائدة إلى القرآن ، فاختلفوا في أنه –تعالى- كيف يحفظ القرآن ؟ .
فقيل : بأن جعله معجزاً مبايناً لكلام البشر يعجز الخلق عن الزيادة ، والنقصان فيه ، بحيث لو زادوا فيه أو نقصوا عنه ، بغير نظم القرآن .
وقيل : صانه ، وحفظه من أن يقدر أحدٌ من الخلق على معارضته .
وقيل : قيَّض جماعة يحفظونه ، ويدرسونه فيما بين الخلق إلى آخر بقاءِ التكليفِ .
وقيل : المراد بالحفظِ : هو أنَّه لو أنَّ أحداً حاول تغيير حرفٍ أو نقطةٍ ، لقال له أهل الدنيا : هذا كذب ، وتغيير لكلام الله –تعالى- حتى أن الشيخ المهيب لو اتَّفق له لحنٌ أو هفوة في حرف من كتاب الله –تعالى- لقال له كل الصبيان : أخطأت أيُّها الشيخ ، وصوابه كذا وكذا .
واعلم أنه لم يتفق لشيءٍ من الكتب مثل هذا الحفظ ؛ فإنه لا كتاب إلا وقد دخله التصحيف ، والتحريف ، والتغيير ، إما في الكثير منه ، أو في القليل ، وبقاء هذا الكتاب مصوناً عن جميع جهات التَّحريف ، مع أنَّ دواعي الملاحدة ، واليهود ، والنصارى ، متوفرة على إبطاله وإفساده ، فذلك من أعظم المعجزات .
فإن قيل : لم اشتغلت الصحابة بجمع القرآن في المصحف ، وقد وعد الله -عز وجل- بحفظه وما حفظ الله -عز وجل- فلا خوف عليه ؟ .
فالجواب : أنَّ جمعهم للقرآن كان من أسباب حفظ الله إياه ، فإنه –تعالى- لما أراد حفظه ، قيَّضهم لذلك ، وفي الآية دلالةٌ قويةٌ على كون البسملةِ آية من كل سورة ؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قد وعد بحفظ القرآن ، والحفظُ لا معنى له إلاَّ أن يبقى مصُوناً عن التغيير وعن الزيادة ، وعن النقصان فلو لو تكن التسمية آية من القرآن ، لما كان مصوناً من التغيير والزيادة{[19457]} ، ولو جاز أن يظنَّ بالصحابة -رضي الله عنهم- أنهم زادوا ، لجاز –أيضاً- أن يظنَّ بهم النقصان ؛ وذلك يوجب خروج القرآن عن كونه حجَّة ، وهذا لا دليل فيه ؛ لأن أسماء السور –أيضاً- مكتوبةٌ معهم في المصحف ، وليست من القرآن بالإجماع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.