قوله تعالى : { واذكر في الكتاب } ، في القرآن ، { مريم إذ انتبذت } ، تنحت واعتزلت ، { من أهلها } ، من قومها ، { مكاناً شرقياً } ، أي : مكاناً في الدار مما يلي المشرق ، وكان يوماً شاتياً شديد البرد ، فجلست في مشرقة تفلي رأسها . وقيل : كانت طهرت من المحيض ، فذهبت لتغتسل . قال الحسن : ومن ثم اتخذت النصارى المشرق قبلةً .
واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ، فاتخذت من دونهم حجابا . فأرسلنا إليها روحنا ، فتمثل لها بشرا سويا . قالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا . قال : إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا . قالت : أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا ? قال : كذلك قال ربك هو علي هين ، ولنجعله آية للناس ورحمة منا . . وكان أمرا مقضيا . .
فهذا هو المشهد الأول - فتاة عذراء . قديسة ، وهبتها أمها وهي في بطنها لخدمة المعبد . لا يعرف عنها أحد إلا الطهر والعفة حتى لتنسب إلى هارون أبي سدنة المعبد الإسرائيلي المتطهرين - ولا يعرف عن أسرتها إلا الطيبة والصلاح من قديم .
ها هي ذي تخلو إلى نفسها لشأن من شؤونها التي تقتضي التواري من أهلها والاحتجاب عن أنظارهم . . ولا يحدد السياق هذا الشأن ، ربما لأنه شأن خاص جدا من خصوصيات الفتاة . .
هذه ابتداء قصة ليست من الأولى ، والخطاب لمحمد عليه السلام . و { الكتاب } القرآن ، و { مريم } هي بنت عمران أم عيسى اخت أم يحيى واختلف الناس لم { انتبذت } والانتباذ التنحي . فقال السدي { انتبذت } لتطهر من حيض ، وقال غيره لتعبد الله وهذا أحسن ، وذلك أن مريم كانت وقفاً على سدانة المتعبد وخدمته والعبادة فيه فتنحت من الناس لذلك . وقوله { شرقياً } يريد في جهة الشرق من مساكن أهلها ، وسبب كونه في الشرق أنهم كانوا يعظمون جهة المشرق ومن حيث تطلق الأنوار ، وكانت الجهات الشرقية من كل شيء أفضل من سواها ، حكاه الطبري ، وحكي عن ابن عباس أنه قال إني لأعلم الناس لم اتخذ النصارى المشرق قبلة ؟ لقول الله عز وجل { إذا انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً } فاتخذوا ميلاد عيسى قبلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.