قوله : { إِذِ انتَبَذَتْ } : في " إذ " أوجهٌ ، أحدُها : أنَّها منصوبةٌ ب " اذكُرْ " على أنها خَرَجَتْ عن الظرفية ، إذ يستحيل أنْ تكونَ باقيةً على مُضِيِّها . والعاملُ فيها ما هو نَصٌّ في الاستقبال . الثاني : أنَّه منصوبٌ بمحذوفٍ مضافٍ لمريم تقديره : واذكر خبرَ مريم ، أو نَبَأَها ، إذ انْتَبَذَتْ ، ف " إذ " منصوبٌ بذلك الخبر أو النبأ . والثالث : أنه منصوبٌ بفعلٍ محذوف تقديره : وبَيَّنَ ، أي : اللهُ تعالى ، فهو كلامُ آخرُ . وهذا كما قال سيبويه في قوله :
{ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ } [ النساء : 171 ] وهو في الظرف أقوى وإنْ كان مفعولاً به . والرابع : أن يكونَ منصوباً على الحال مِنْ ذلك المضافِ المقدَّر ، أي : خبر مريم أو نبأ مريم . وفيه بُعْدٌ . قاله أبو البقاء . والخامس : أنه بدلٌ مِنْ " مريمَ " بدلُ اشتمال . قال الزمخشري : " لأنَّ الأحيانَ مشتملةٌ على ما فيها ، وفيه : أنَّ المقصودَ بِذِكْر مريم ذِكْرُ وقتها هذا لوقوع هذه القصةِ العجيبةِ فيه " .
قال أبو البقاء : - بعد أن حكى عن الزمخشريِّ هذا الوجهَ - " وهو بعيدٌ ؛ لأنَّ الزمانَ إذا لم يكنْ حالاً من الجثة ولا خبراً عنها ولا صفةً لها لم يكن بَدَلاً منها " . وفيه نظرٌ لأنَّه لا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صحةِ ما ذَكَرَ عَدَمُ صحةِ البدلية ، ألا ترى نحو : " سُلِبَ زيدٌ ثوبُه " ف " ثوبُه " لا يَصِحُّ جَعْلُه خبراً عن " زيد " ولا حالاً منه ولا وصفاً له ، ومع ذلك فهو بدلٌ اشتمالٍ .
السادس : أنَّ " إذ " بمعنى " أَنْ " المصدرية كقولك : " لا أُكْرِمُك إذ لم تكرِمْني " ، أي : لأنَّك لا تُكْرِمُني ، فعلى هذا يَحْسُن بدلُ الاشتمال ، أي : واذكر مريمَ انتباذَها . ذكره أبو البقاء .
والانْتِباذُ : افتعالٌ من النَّبْذِ وهو الطَّرْحُ ، وقد تقدَّم بيانُه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.