قوله : { واذكر فِي الكتاب مَرْيَمَ } هذا شروع في ابتداء خلق عيسى ، والمراد بالكتاب : هذه السورة ، أي اذكر يا محمد للناس في هذه السورة قصة مريم ، ويجوز أن يراد بالكتاب : جنس القرآن وهذه السورة منه ، ولما كان الذكر لا يتعلق بالأعيان احتيج إلى تقدير مضاف يتعلق به الذكر ، وهو قصة مريم ، أو خبر مريم { إِذ انتبذت } العامل في الظرف هو ذلك المضاف المقدّر ، ويجوز أن يجعل بدل اشتمال من مريم ، لأن الأزمان مشتملة على ما فيها ، ويكون المراد بمريم : خبرها ، وفي هذا الإبدال دلالة على تفخيم شأن الوقت لوقوع قصتها العجيبة فيه ، والنبذ : الطرح والرمي . قال الله سبحانه { فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ } [ آل عمران : 187 ] . والمعنى : أنها تنحت وتباعدت . وقال ابن قتيبة : اعتزلت . وقيل : انفردت ، والمعاني متقاربة . واختلفوا في سبب انتباذها ، فقيل : لأجل أن تعبد الله سبحانه وقيل لتطهر من حيضها ، و{ منْ أَهْلِهَا } متعلق ب{ انتبذت } ، وانتصاب { مَكَاناً شَرْقِياً } على المفعولية للفعل المذكور ، أي مكاناً من جانب الشرق ، والشرق بسكون الراء : المكان الذي تشرق فيه الشمس ، وإنما خص المكان بالشرق لأنهم كانوا يعظمون جهة الشرق لأنها مطلع الأنوار ، حكى معناه ابن جرير .
وقد اختلف الناس في نبوّة مريم ، فقيل : إنها نبية بمجرّد هذا الإرسال إليها ومخاطبتها للملك وقيل : لم تكن نبية ، لأنه إنما كلمها الملك وهو على مثال البشر ، وقد تقدّم الكلام في هذا في آل عمران .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.