مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر قصة زكريا وطلبه الولد وإجابة الله إياه فولد له من شيخ فان وعجوز له عاقر وكان ذلك مما يتعجب منه ، أردفه بما هو أعظم في الغرابة والعجب وهو وجود ولد من غير ذكر ، فدل ذلك على عظم قدرة الله وحكمته ، وأيضاً فقص عليهم ما سألوه من قصة أهل الكهف وأتبع ذلك بقصة الخضر وموسى ، ثم قص عليهم ما سألوه أيضاً وهو قصة ذي القرنين ، فذكر في هذه السورة قصصاً لم يسألوه عنها وفيها غرابة ، ثم أتبع ذلك بقصة إبراهيم وموسى وهارون موجزة ، ثم بقصة إسماعيل وإدريس ليستقر في أذهانهم أنه أطلع نبيه على ما سألوه وعلى ما لم يسألوه ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام وحيه في ذلك واحد يدل على صدقه وصحة رسالته من أمي لم يقرأ الكتب ولا رحل ولا خالط من له علم ولا عنى بجمع سير .
و { مريم } هي ابنة عمران أم عيسى ، و { إذ } قيل ظرف زمان منصوب باذكر ، ولا يمكن ذلك مع بقائه على الظرفية لأن الاستقبال لا يقع في الماضي .
وقال الزمخشري : { إذ } بدل من { مريم } بدل الاشتمال لأن الأحيان مشتملة على ما فيها وقته ، إذ المقصود بذكر مريم ذكر وقتها هذا لوقوع هذه القصة العجيبة فيها انتهى .
ونصب { إذ } باذكر على جهة البدلية يقتضي التصرف في { إذ } وهي من الظروف التي لم يتصرف فيها إلاّ بإضافة ظرف زمان إليها .
فالأولى أن يجعل ثم معطوف محذوف دل المعنى عليه وهو يكون العامل في { إذ } وتبقى على ظرفيتها وعدم تصرفها ، وهو أن تقدر مريم وما جرى لها { إذ انتبذت } واستبعد أبو البقاء قول الزمخشري قال : لأن الزمان إذا لم يكن حالاً عن الجثة ولا خبراً عنها ولا وصفاً لها لم يكن بدلاً منها انتهى .
واستبعاده ليس بشيء لعدم الملازمة .
قال : وقيل التقدير خبر مريم فإذ منصوبة لخبر .
وقيل : حال من هذا المضاف المحذوف .
وقيل : { إذ } بمعنى أن المصدرية كقولك : أكرمك إذ لم تكرمني أي إن لم تكرمني .
قال أبو البقاء : فعلى هذا يصح بدل الاشتمال أي { واذكر } { مريم } انتباذها انتهى .
و { انتبذت } افتعل من نبذ ، ومعناه ارتمت وتنحت وانفردت .
قال السدّي { انتبذت } لتطهر من حيضها وقال غيره : لتعبد الله وكانت وقفاً على سدانة المعبد وخدمته والعبادة فتنحت من الناس كذلك ، وانتصب { مكاناً } على الظرف أي في مكان ، ووصف بشرقي لأنه كان مما يلي بيت المقدس أو من دارها ، وسبب كونه في الشرق أنهم كانوا يعظمون جهة الشرق من حيث تطلع الشمس .
وعن ابن عباس : اتخذت النصارى الشرق قبلة لميلاد عيسى عليه السلام .
وقيل : قعدت في مشرقة للاغتسال من الحيض محتجبة بحائط أي شيء يسترها ، وكان موضعها المسجد فبينا هي في مغتسلها أتاها الملَك في صورة آدمي شاب أمرد وضيء الوجه جعد الشعر سوي الخلق لم ينتقص من الصورة الآدمية شيئاً أو حسن الصورة مستوي الخلق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.