تفسير الأعقم - الأعقم  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَرۡيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتۡ مِنۡ أَهۡلِهَا مَكَانٗا شَرۡقِيّٗا} (16)

ثم عطف قصة مريم وعيسى على قصة زكريا ويحيى فقال سبحانه : { واذكر } يا محمد { في الكتاب } يعني في كتابك { مريم إذ انتبذت من أهلها } والانتباذ والإِعتزال والإِنفراد واحد يعني تخلَّت للعبادة في مكان مما يلي شرقي بيت المقدس أو من دارها معتزلة من الناس ، وقيل : كانت به ما دامت طاهرة ، فإذا حاضت تحوّلت إلى بيت خالها وهي بيت زكريا ، وإذا طهرت واغتسلت عادت إلى المسجد ، فبينا هي في مغتسلها أتاها الملك في صورة آدمي شاب أمرد وضيء الوجه جعد الشعر سوي الخلق ، وإنما مثل لها في صورة الإِنسان لتأنس بكلامه ولا تنفر عنه ، ولو أتاها في صورة الملائكة لنفرت عنه ولم تقدر على كلامه ، ودلّ على ورعها وعفتها أنها تعوّذت بالله من تلك الصورة الجميلة ، وكان تمثيله على تلك الصورة الجميلة ابتلاء لها ، وقيل : كانت في منزل زوج خالتها زكريا ولها محراب على حدة سكنة ، وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها فتمنت أن تجد خلوة في الجبل تعلي رأسها ، فانحفر السقف لها فخرجت فجلست في الشرفة وراء الجبل فأتاها الملك ، قيل : قام بين يديها ، وقيل : أن النصارى اتخذت المشرق قبلة لانتباذ مريم { مكاناً شرقياً }