79- ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء إلى السماء ، بما زودها الله به من أجنحة أوسع من جسمها تبسطها وتقبضها ، وسخر الهواء لها ، فما يمسكهن في الجو إلا الله بالنظام الذي خلقها عليه ؟ إن في النظر إليها والاعتبار بحكمة الله في خلقها ، لدلالة عظيمة ينتفع بها المستعدون للإيمان{[117]} .
قوله تعالى : { ألم يروا } ، قرأ ابن عامر ، وحمزة ، ويعقوب : بالتاء ، والباقون بالياء لقوله : { ويعبدون } . { إلى الطير مسخرات } ، مذللات ، { في جو السماء } ، وهو الهواء بين السماء والأرض . عن كعب الأحبار أن الطير ترتفع اثني عشر ميلاً ، ولا يرتفع فوق هذا ، وفوق الجو السكاك ، وفوق السكاك السماء ، { ما يمسكهن } في الهواء { إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } .
وعجيبة أخرى من آثار القدرة الإلهية يرونها فلا يتدبرونها وهي مشهد عجيب معروض للعيون :
( ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ، ما يمسكهن إلا الله . إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) . .
ومشهد الطير مسخرات في جو السماء مشهد مكرور ، قد ذهبت الألفة بما فيه من عجب ، وما يتلفت القلب البشري عليه إلا حين يستيقظ ، ويلحظ الكون بعين الشاعر الموهوب . وإن تحليقة طائر في جو السماء لتستجيش الحس الشاعر إلى القصيدة حين تلمسه . فينتفض للمشهد القديم الجديد . . ( ما يمسكهن إلا الله )بنواميسه التي أودعها فطرة الطير وفطرة الكون من حولها ، وجعل الطير قادرة على الطيران ، وجعل الجو من حولها مناسبا لهذا الطيران ؛ وأمسك بها الطير وهي في جو السماء : إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون . . فالقلب المؤمن هو القلب الشاعر ببدائع الخلق والتكوين ، المدرك لما فيها من روعة باهرة تهز المشاعر وتستجيش الضمائر . وهو يعبر عن إحساسه بروعة الخلق ، بالإيمان والعبادة والتسبيح ؛ والموهوبون من المؤمنين هبة التعبير ، قادرون على إبداع ألوان من رائع القول في بدائع الخلق والتكوين ، لا يبلغ إليها شاعر لم تمس قلبه شرارة الإيمان المشرق الوضيء .
{ ألم يروا إلى الطير } ، قرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب بالتاء على أنه خطاب للعامة . { مسخّرات } ، مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المؤاتية له . { في جوّ السماء } ، في الهواء المتباعد من الأرض . { ما يمسكهن } فيه ، { إلا الله } ، فإن ثقل جسدها يقتضي سقوطها ، ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها تمسكها . { إن في ذلك لآيات } ، تسخير الطير للطيران بأن خلقها خلقة يمكن معها الطيران ، وخلق الجو بحيث يمكن الطيران فيه ، وإمساكها في الهواء على خلاف طبعها . { لقوم يؤمنون } ؛ لأنهم هم المنتفعون بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.