وقوله : { رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } أي : يقولون في دعائهم : إنك - يا ربنا - ستجمع بين خلقك يوم معادهم ، وتفصل بينهم وتحكم فيهم{[4814]} فيما اختلفوا فيه ، وتجزي كلا بعمله ، وما كان عليه في الدنيا من خير وشر .
{ رَبّنَآ إِنّكَ جَامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لاّ رَيْبَ فِيهِ إِنّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }
يعني بذلك جل ثناؤه : أنهم يقولون أيضا مع قولهم آمنا بما تشابه من آي كتاب ربنا كل المحكم والمتشابه الذي فيه من عند ربنا يا ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، إن الله لا يخلف الميعاد . وهذا من الكلام الذي استغني بذكر ما ذكر منه عما ترك ذكره . وذلك أن معنى الكلام : ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة فاغفر لنا يومئذٍ ، واعف عنا ، فإنك لا تخلف وعدك ، أن من آمن بك ، واتبع رسولك ، وعمل بالذي أمرته به في كتابك أنك غافره يومئذٍ . وإنما هذا من القوم مسألة ربهم أن يثبتهم على ما هم عليه من حسن بصرتهم بالإيمان بالله ورسوله ، وما جاءهم به من تنزيله ، حتى يقبضهم على أحسن أعمالهم وإيمانهم ، فإنه إذا فعل ذلك بهم وجبت لهم الجنة ، لأنه قد وعد من فعل ذلك به من عباده أنه يدخله الجنة ، فالاَية وإن كانت قد خرجت مخرج الخبر ، فإن تأويلها من القوم مسألة ودعاء ورغبة إلى ربهم .
وأما معنى قوله : { لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ } فإنه لا شك فيه . وقد بينا ذلك بالأدلة على صحته فيما مضى قبل .
ومعنى قوله : { لِيَوْمٍ } في يوم ، وذلك يوم يجمع الله فيه خلقه لفصل القضاء بينهم في موقف العرض والحساب ، والميعاد : المفعال من الوعد .
وقوله تعالى : { ربنا إنك جامع الناس } إقرار بالبعث ليوم القيامة ، قال الزجاج : هذا هو التأويل الذي علمه الراسخون فأقروا به ، وخالف الذين اتبعوا ما تشابه عليهم من أمر البعث حين أنكروه ، والريب : الشك ، والمعنى أنه في نفسه حق لا ريب فيه وإن وقع فيه ريب عند المكذبين به فذلك لا يعتد به إذ هو خطأ منهم ، وقوله تعالى : { إن الله لا يخلف الميعاد } يحتمل أن يكون إخباراً منه محمداً عليه السلام وأمته ، ويحتمل أن يكون حكاية من قول الداعين{[2978]} ، ففي ذلك إقرار بصفة ذات الله تعالى ، و { الميعاد } مفعال من الوعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.