ثم إنهم لما طلبوا أن يصونهم عن الزيغ وأن يخصهم بالهداية والرحمة فكأنهم قالوا ليس الغرض من هذا السؤال ما يتعلق بمصالح الدنيا فإنها منقضية ، ولكن الغرض ما يتعلق بالآخرة فإنا نعلم أنك جامع الناس للجزاء في يوم لا ريب فيه أي في وقوعه .
فاللام للوقت ، أو جامع الناس لجزاء يوم فحذف المضاف { إن الله لا يخلف الميعاد } قيل : هو كلام الله تعالى كأنه يصدقهم فيما قالوه ، ولو كان من تمام قول المؤمنين لقيل : إنك لا تخلف . إلا أن يحمل على الالتفات ومعناه أن الإلهية تنافي خلف الميعاد كقولك : إن الجواد لا يخيب سائله . ولا سيما وعد الحشر والجزاء لينتصف للمظلومين من الظالمين . والميعاد المواعدة والوقت والموضع قاله في الصحاح .
واعلم أنه لا يلزم من أنه تعالى لا يخلف الوعد القطع بوعيد الفساق كما زعم المعتزلة ، لأن كل ما ورد في وعيد الفساق فهو عندنا مشروط بشرط عدم العفو ، كما أنه بالاتفاق مشروط بشرط عدم التوبة بدليل منفصل . قال الواحدي : ولم لا يجوز أن يحمل هذا على ميعاد الأولياء دون وعيد الأعداء ، لأن خلف الوعيد كرم عند العرب . قال بعضهم :
إذا وعد السراء أنجز وعده*** وإن أوعد الضراء فالعفو مانعه
وناظر أبو عمرو بن العلاء عمرو بن عبيد فقال : ما تقول في أصحاب الكبائر ؟ فقال : إن الله وعد وعداً وأوعد إيعاداً . فهو منجز إيعاده كما هو منجز وعده . فقال أبو عمرو إنك أعجم لا أقول أعجم اللسان ولكن أعجم القلب ، لأن العرب تعدّ الرجوع عن الوعد لؤماً وعن الايعاد كرماً وأنشد :
وإني وإن أوعدته أو وعدته*** لمكذب إيعادي ومنجز موعدي
وذلك أن الوعد حق عليه ، والوعيد حق له ، ومن أسقط حق نفسه فقد أتى بالجود والكرم ، ومن أسقط حق غيره فذلك هو اللؤم فهذا هو الفرق بين الوعد والوعيد . على أنا لا نسلم أن الوعيد ثابت جزماً من غير شرط بل هو مشروط بعدم العفو فلا يلزم من تركه دخول الكذب في كلام الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.