ولما كان من المعلوم من أول ما فرغ السمع من الكتاب في الفاتحة وأول البقرة و{[15065]}أثنائها أن{[15066]} للناس يوماً يدانون فيه وصلوا بقولهم السابق قوله : { ربنا إنك جامع } قال الحرالي : من الجمع ، وهو ضم ما شأنه الافتراق والتنافر لطفاً أو قهراً انتهى . { الناس } أي كلهم { ليوم } أي يدانون فيه { لا ريب فيه } ثم عللوا نفي الريب بقولهم عادلين عن الخطاب آتين{[15067]} بالاسم الأعظم لأن المقام للجلال : { إن الله } أي المحيط بصفات الكمال { لا يخلف{[15068]} } ولما كان نفي الخلف في زمن الوعد ومكانه أبلغ من نفي خلافه{[15069]} نفسه عبر{[15070]} بالمفعال فقال : { الميعاد * } وقال الحرالي : هو مفعال من الوعد ، و{[15071]}صيغ{[15072]} لمعنى تكرره{[15073]} ودوامه ، والوعد العهد في الخير{[15074]} انتهى . وكل ذلك تنبيهاً على أنه يجب التثبت{[15075]} في فهم الكتاب والإحجام عن مشكله خوفاً من الفضيحة يوم الجمع يوم يساقون إليه ويقفون بين يديه ، فكأنه تعالى يقول للنصارى : هب أنه أشكل عليكم بعض أفعالي{[15076]} وأقوالي في الإنجيل فهلا فعلتم فعل الراسخين فنزهتموني عما لا{[15077]} يليق بجلالي من التناقض وغيره ، ووكلتم أمر ذلك إليّ ، وعولتم{[15078]} في فتح مغلقه عليّ خوفاً من يوم الدين ؟ قال ابن الزبير : ثم لما بلغ الكلام إلى هنا أي إلى آية التصوير كان كأنه قد قيل : فكيف طرأ عليهم ما طرأ مع وجود الكتب ؟ فأخبر تعالى بشأن الكتاب وأنه محكم ومتشابه ، وكذا غيره من الكتب والله سبحانه وتعالى أعلم ، فحال أهل التوفيق تحكيم المحكم ، وحال أهل الزيغ اتباع المتشابه والتعلق به ، وهذا بيان لقوله : يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً }{[15079]}[ البقرة : 26 ] وكل{[15080]} هذا بيان لكون الكتاب العزيز أعظم فرقان وأوضح بيان إذ قد أوضح أحوال المختلفين ومن أين أتى عليهم مع وجود الكتب ، وفي أثناء ذلك تنبيه العباد على عجزهم وعدم استبدادهم لئلا يغتر الغافل{[15081]} فيقول مع هذا البيان ووضوح الأمر : لا طريق إلى تنكب{[15082]} الصراط ، فنبهوا{[15083]} حين علموا الدعاء{[15084]} من قوله :{ وإياك نستعين }{[15085]}[ الفاتحة : 4 ] ثم كرر تنبيههم لشدة الحاجة ليذكر هذا أبداً ، ففيه معظم{[15086]} البيان ، ومن اعتقاد الاستبداد ينشأ الشرك الأكبر إذ اعتقاد الاستبداد بالأفعال إخراج لنصف{[15087]} الموجودات عن يد بارئها{[15088]}{ والله خلقكم وما تعملون }{[15089]}[ الصافات : 96 ] فمن التنبيه{[15090]}{ إن الذين كفروا }[ البقرة : 6 ] ومنه :{ يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً{[15091]} }[ البقرة : 26 ] ومنه{ آمن الرسول }[ البقرة : 285 ] إلى خاتمتها ، هذا من {[15092]}جلي التنبيه{[15093]} ومحكمه ، ومما يرجع إليه ويجوز معناه بعد اعتباره :{ وإلهكم إله واحد{[15094]} }[ البقرة : 163 ] وقوله :{ الله لا إله إلا هو الحي القيوم{[15095]} }[ البقرة : 255 ] ، فمن رأى الفعل أو بعضه{[15096]} لغيره تعالى حقيقة فقد قال بإلهية{[15097]} غيره ، ثم حذروا أشد التحذير لما بين لهم فقال تعالى :{ إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد{[15098]} }[ آل عمران : 4 ] ثم ارتبطت الآيات إلى آخرها انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.