إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (9)

{ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ الناس لِيَوْمٍ } أي لحساب يومِ أو لجزاء يوم حُذف المضاف وأقيم مُقامه المضافُ إليه تهويلاً له وتفظيعاً لما يقع فيه { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي في وقوعه ووقوعِ ما فيه من الحشر والحسابِ والجزاء ، ومقصودُهم بهذا عرضُ كمالِ افتقارِهم إلى الرحمة وأنها المقصِدُ الأسنى عندهم ، والتأكيدُ لإظهار ما هم عليه من كمال الطمأنينةِ وقوة اليقينِ بأحوال الآخرة { إِنَّ الله لاَ يُخْلِفُ الميعاد } تعليلٌ لمضمون الجملة المؤكدةِ أو لانتفاء الريب ، والتأكيد لما مر ، وإظهارُ الاسمِ الجليل مع الالتفات لإبراز كمالِ التعظيم والإجلالِ الناشئ من ذكر اليوم المَهيب الهائل بخلاف ما في آخر السورة الكريمة فإنه مقامُ طلب الإنعام كما سيأتي وللإشعار بعلة الحُكم فإن الألوهيةَ منافيةٌ للإخلاف وقد جُوّز أن تكون الجملةُ مَسوقةً من جهته تعالى لتقرير قولِ الراسخين ، والميعادُ مصدرٌ كالميقات واستُدل به الوعيدية وأجيب بأن وعيدَ الفساقِ مشروطٌ بعدم العفو بدلائلَ مفصلةٍ كما هو مشروط بعدم التوبة وِفاقاٌ .