{ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا . وجعل القمر فيهن نوراً } قال الحسن : يعني في السماء الدنيا ، كما يقال : أتيت بني تميم ، وإنما أتى بعضهم ، وفلان متوار في دور بني فلان وإنما هو في دار واحدة . وقال عبد الله بن عمرو : إن الشمس والقمر وجوههما إلى السماوات ، وضوء الشمس ونور القمر فيهن واقفيتهما إلى الأرض . ويروى هذا عن ابن عباس . { وجعل الشمس سراجاً } مصباحاً مضيئاً
كذلك وجههم إلى كتاب الكون المفتوح : ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ? وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ? ) . . والسماوات السبع لا يمكن حصرها في مدلول مما تقول به الفروض العلميه في التعريف بالكون . فهي كلها مجرد فروض . إنما وجه نوح قومه إلى السماء وأخبرهم - كما علمه الله - أنها سبع طباق . فيهن القمر نور وفيهن الشمس سراج . وهم يرون القمر ويرون الشمس ، ويرون ما يطلق عليه اسم السماء . وهو هذا الفضاء ذو اللون الأزرق . أما ما هو ? فلم يكن ذلك مطلوبا منهم . ولم يجزم أحد إلى اليوم بشيء في هذا الشأن . . وهذا التوجيه يكفي لإثارة التطلع والتدبر فيما وراء هذه الخلائق الهائلة من قدرة مبدعة . . وهذا هو المقصود من ذلك التوجيه .
أي : فاوت بينهما في الاستنارة فجعل كلا منهما أنموذجا على حدة ، ليعرف الليل والنهار بمطلع الشمس ومغيبها ، وقدر القمر منازل وبروجا ، وفاوت نوره ، فتارة يزداد حتى يتناهى ثم يشرع في النقص حتى يستسر ، ليدل على مضي الشهور والأعوام ، كما قال : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [ يونس : 5 ] .
وقوله : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا يقول : وجعل القمر في السموات السبع نورا وَجَعَلَ الشّمْسَ فيهن سراجا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن قتادة ألَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَموَاتٍ طِباقا وَجَعَلَ القَمَمرَ فِيهِنّ نُورا وَجَعَل الشّمْسَ سِرَاجا ذُكر لنا أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يقول : إن ضوء الشمس والقمر نورهما في السماء ، اقرءوا إن شئتم : أَلمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِباقا . . . إلى آخر الاَية .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال : إن الشمس والقمر وجوههما قِبَل السموات ، وأقفيتهما قِبَل الأرض ، وأنا أقرأ بذلك آية من كتاب الله : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجا .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا يقول : خلق القمر يوم خلق سبع سموات .
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : إنما قيل وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا على المجاز ، كما يقال : أتيت بني تميم ، وإنما أتى بعضهم واللّهُ أنْبَتَكُم مِنَ الأرْض نَباتا يقول : والله أنشأكم من تراب الأرض ، فخلقكم منه إنشاء ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيها يقول : ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم ويُخْرِجُكُمْ إخْرَاجا يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها ، فيصيركم ترابا إخراجا .
وقوله تعالى : { وجعل القمر فيهن } ساغ ذلك لأن القمر من حيث هو في إحداها فهو في الجميع ، ويروى أن القمر في السماء الدنيا ، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن العباس : إن الشمس والقمر أقفارهما إلى الأرض وإقبال نورهما وارتفاعه في السماء ، وهو الذي تقتضيه لفظة السراج ، وقيل إن الشمس في السماء الخامسة ، وقيل في الرابعة ، وقال عبد الله بن عمر : هي في الشتاء في الرابعة وفي الصيف في السابعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.