الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

- ثم قال ( وجعل القمر فيهم نزرا {[70614]} . . . )[ 16 ] .

أي : في السماوات ، قال المفسرون : بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام {[70615]} . فقال السائل {[70616]} : نحن نرى الغيم يكون دون القمر فلا نرى نورا ، فكيف تضيء السماوات كلها بالقمر على تفاوت ما بينها ، وستر بعضها بعضا ؟ ، فقيل في ذلك : إن هذا الكلام[ مجاز ] {[70617]} ، إنما قال : " فيهن " ، [ يريد ] {[70618]} : في بعضهن {[70619]} ، كما تقول العرب : أتيت بني تميم ، وإنما أتى بعضهم {[70620]} [ وتقول ] {[70621]} : في هذه الدور وليمة ، وإنما هي في واحدة منهن .

وتقول : قدم فلان في شهر كذا ، وإنما قدم في يوم منه . فلذلك أخبر بالقمر أنه في سبع سماوات وغنما هو في واحدة .

وقيل معناه : وجعل القمر معهن نورا ، أي : خلقه نورا مع خلقه للسماوات فيكون مثل : ( ادخلوا في أمم ) {[70622]} .

وقال ابن كيسان {[70623]} : إذا جعله في إحداهن فقد جعله فيهن ، كما تقول : أعطني من الثياب[ المعلمة ] {[70624]} ، وإن كنت إنما أعلمت أحدها {[70625]} . وفد قال ابن عمر : إن الشمس والقمر وجوههما في السماء وأقفاؤهما في الأرض {[70626]} .

وقال {[70627]}عبد الله بن عمرو بن العاص {[70628]} : إن ضوء الشمس والقمر ونورهما في السماء ، وقرأ( ألم تر كيف . . . )الآية {[70629]} .

وقيل : التقدير : وجع القمر نورا ، ثم قال : " فيهن " بعدما مضى الكلام . وسأل عبد الله بن عمر رجل فقال له : ما بال الشمس تصلانا أحيانا وتبرد أحيانا ؟ فقال : أما في الشتاء في السماء السابعة تحت عرش الرحمن ، وأما في الصيف فهي في السماء الخامسة ، قيل له : ما كنا نظن إلا أنها في هذه السماء . قال {[70630]} : لو كان ذلك ما قام لها شيء {[70631]}إلا أحرقته {[70632]} .


[70614]:- تمام الآية: (...وجعل الشمس سراجا) [16].
[70615]:- أ: سنة.
[70616]:- ث: المسائل.
[70617]:- م: مجازا.
[70618]:- م: يولد.
[70619]:- أ: فيهن.
[70620]:- انظر: معاني الأخفش 2/715 وجامع البيان 29/97.
[70621]:- م،ث: يقول.
[70622]:- الأعراف 36
[70623]:- هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان أبو الحسن، كان مصريا كوفيا يحفظ المذهبين جمعا أخذ عن المبرد وثعلب، وكان إماما في العربية له " معاني القرآن" وغيره، ت:299هـ وقيل 320 هـ. انظر البلغة للفيروزابادي: 202 و208 وبغية الوعاة: 1/18
[70624]:- م: بالمعلمة
[70625]:- لم أقف على هذا القول. وانظر: معاني الزجاج 5/230 حيث حكاه بنحوه عن أهل العربية
[70626]:- الذي في جامع البيان 29/97 أنه قول عبد الله بن عمرو. وانظر أيضا: المعالم 7/155. والمحرر 16/125، والدر 8/291
[70627]:- أ: فقال
[70628]:- هو عبد الله بن عمرو بن العاص أبو محمد القرشي السهمي الزاهد العابد الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما، من علماء الصحابة شهد مع أبيه فتح الشام ت:63 هـ، انظر : صفة الصفوة 1/655 وتهذيب الأسماء:1/281 والإصابة 4/111 والغاية لابن الجزري 1/439
[70629]:- انظر: جامع البيان 29/97
[70630]:- ث: فقال.
[70631]:- ث: شيئا.
[70632]:- لم أقف على هذا القول.