قوله : { وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً } ، أي : في السماوات ، والقمر إنَّما هو في سماءٍ واحدةٍ منهن قيل : هو في السماء الدنيا ، وإنَّما جاز ذلك لأن بين السماواتِ ملابسة فصح ذلك ، وتقول : زيد في المدينة ، وإنَّما هو في زاوية من زواياها .
وقال ابن كيسانِ : إذا كان في إحداهنَّ فهو فيهنَّ .
وقال قطرب : «فِيهِنَّ » بمعنى : «مَعهُنَّ » .
وقال الكلبيُّ : أي : خلق الشمس والقمر مع خلق السماوات والأرض{[58008]} .
وقال جُلُّ أهل اللغةِ في قول امرئ القيس : [ الطويل ]
4881 - وهَلْ يَنعَمَنْ مَنْ كَانَ آخِرُ عَهدِهِ***ثَلاثِينَ شَهْراً في ثلاثةِ أحْوالِ{[58009]}
وقال النحاس : سألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية . فقال : جوابُ النحويين : أنه إذا جعله في إحداهن ، فقد جعله فيهن ، كما تقول : أعطني الثيابَ المعلمة ، وإن كنت إنما أعلمت أحدها .
وجواب آخر : أنه يروى أنه وجه القمر إلى داخل السماء ، وإذا كان إلى داخلها فهو متصل بالسماوات ، ومعنى : «نُوْراً » ، أي : لأهل الأرض ، قاله السدي{[58010]} .
وقال عطاءُ : نورٌ لأهل السماوات والأرض .
وقال ابن عباس وابن عمر : وجهه يضيء لأهل الأرض ، وظهره يضيء لأهل السماء{[58011]} .
قوله : { وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً } .
يحتمل أن يكون التقدير : وجعل الشمس فيهن - كما تقدم - والشمس ، قيل : في الرابعة ، وقيل : في الخامسة ، وقيل : في الشتاء في الرابعة وفي الصيف في السابعة والله أعلم .
وقوله : «سِراجَاً » . يعني مصباحاً لأهل الأرض ، ليتوصلوا إلى التصرف لمعايشهم ، وفي إضاءتها لأهل السماء ، القولان الأولان ، حكاه الماورديُّ .
وحكى القشيريُّ عن ابن عباسٍ : أن الشمس وجهه في السماوات وقفاه في الأرض{[58012]} .
وقيل لعبد الله بن عمر : ما بالُ الشمس تقلينا أحياناً وتبرد علينا أحياناً ؟ .
فقال : إنَّها في الصيف في السماء الرابعة ، وفي الشتاء في السماء السابعة عند عرش الرحمنِ ، ولو كانت في السَّماء الدنيا ، لما قام لها شيء{[58013]} .
ولما كانت الشمس سبباً لزوال الليلِ وهو ظل الأرض أشبهت السِّراجَ ، وأيضاً فالسراجُ له ضوءٌ والقمرُ له نورٌ ، والضوء أقوى من النور ، فجعل للشمس كما قال { هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَاءً والقمر نُوراً }[ يونس : 5 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.